للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيترتب على ذلك أن يلحق به ما ليس هو ابن له، واللّه - سُبْحَانَهُ وتَعَالى - نَهى عن مثل ذلك وعن التبني في قول اللّه تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: ٥].

وقد كان التَّبَنِّي جائزًا في أول الأمر فأبطله اللّه - سُبْحَانَهُ وتَعَالى - في أول سورة الأحزاب، فهو يترتب عليه لحوق نَسَب هذا الغلام بهذا الرجل، وأيضًا يثبت التوارث بينهما، وصاحب الفراش هَذا أيضًا.

والأمر الآخر: أنه ينظر إلى بَناتِه وأخواتِه فحصل بذلك أيضًا أضرار كثيرةٌ في إبقاء هذا الولد والسكوت عليه.

(لَمَّا كانَ الْفِرَاشُ مُوجِبًا لِلِحُوقِ النَّسَبِ كانَ بِالنَّاسِ ضَرُورَةٌ إِلَى طَرِيقٍ يَنْفُونَهُ بِهِ إِذَا تَحَقَّقُوا فَسَادَهُ).

هو يشير إلى حديث رسولِ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - المتفق عليه، وهو قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" (١). معنى "الولد للفراش" أي: لصاحب الفراش وهو الزوج، والعاهر إنما هو الزَّانِي ليس له إِلَّا الحجر، أي: له الخَيبَهُ والذِّلَّةُ والهوانُ (٢). إذًا: يحصل تلويث لهذا الفراش وإساءةٌ إلى الزوج، وهو أمر يتعلق بالعِرْضِ.

* قال: (وَتِلْكَ الطَّرِيقُ هِيَ اللِّعَان، فَاللِّعَانُ حُكْمٌ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ، وَالْقِيَاسِ، وَالْإِجْمَاعِ، إِذْ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ أَعْلَمُه، فَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ فِي إِثْبَاتِ حُكْمِهِ).

أولًا: اللعان هو جزء من القَذْفِ، فهناك ما يُعْرَفُ بالقذف، وهو أحد الحدودِ في الشَّريعَةِ الإسلامية، وهو منصوصٌ عليه في سورة النور قبل نزول آية اللعان التي كان سببها سؤال سَعد بن عُبادة في بعض الأحاديث،


(١) أخرجه البخاري (٢٠٥٣) ومسلم (١٤٧٥) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٢) يُنظر: "بلغة السالك لأقرب المسألك" للصاوي (٤/ ٥٦٤) حيث يقول: "فيحمل على أنه ناشئ من ماء سبق للفرج لخبر: "الولد للفراش"".

<<  <  ج: ص:  >  >>