للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشريعة الإسلامية إلى جانب أنها حصَّنَتِ المسلِمَ، حرصت على ألَّا تُسألَ الدِّماء بغير حق فلا يعتَدِي أحدٌ على آخر، ولذلك قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إن دِمَاءكم وأمْوالَكُم وأعْراضكُم حرام عليكم" (١)، فإن كان حقًّا قد وقع ووجد شهود فشرع اللّه يؤديه، وهناك الحاكم يفعل ذلك لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن اللّه - سُبْحَانَهُ وتَعَالى - لَيَزَعُ بالسلطان ما لا يَزَعُ بالقرآن" (٢) فإن لم يكن فإنه يُلاعِنُ وهذا مخرج له وطريق للخروج من هذه المسألة.

* قال: (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "قَدْ نَزَلَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ قُرْآنٌ، فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا، وَقَالَ سَهْل: فَتَلَاعَنَا، وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ تَلَاعُنِهِمَا، قَالَ عُوَيْمِرٌ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا! فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ") (٣).

يقول: لو قلت بأنني سأبقيها فإنني كاذب، ومع ذلك سارع فطلقها قبْل أن يأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسيأتي خلاف العلماء في اللِّعان، هل هو طلاق أم فَسْخٌ؟ وسوف نتَبَيَّنُ أن الراجح أنه فسخ وليس بطلاق.

(قَالَ مَالِكٌ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ (٤).

وَأَيْضًا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى).

فلو أن إنسانًا رآى آخر مع أهله ثم وجَدَ حَمْلًا وسكَتَ عليه، فهو بلا شك سوف يُنسب له هذا الغلام، ولذلك في قصة المُتَلاعِنَيْنِ نفى الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - نسبَ الولَدِ عن أبيه وألحقه بأمه، ويقال: أنه بعد ذلك يُنْسبُ لأمِّه.


(١) جزء من حديث أخرجه البخاري (٦٧)، ومسلم (١٦٧٩) من حديث أبي بكرة - رضي الله عنه -.
(٢) لم أقف عليه، وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" (١/ ١١٨) موقوفًا على عثمان بن عفان - رضي الله عنه - بلفظ: "ما يزع الإمام أكثر مما يزع القرآن".
(٣) أخرجه المخاري (٥٢٥٩)، ومسلم (١٤٩٢).
(٤) في "الموطأ" (٢/ ٥٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>