للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِعَيْنِي، أما قوله: (سمعت) فالحنفية والحنابلة يحتجُّون بها على الآخَرِين في مسألة ستأتي وهي مسألة يلتقي فيها الحنفية والحنابلة من جانب والمالكية والشافعية من جانب، فيحتج الطرف الآخر على هؤلاء بأنهم أخَذُوا بجزء من الحديث ولم يأخُذُوا بالجزء الآخر، وإن كان مذهب المالكية والشافعية في نَظَرِي أقوى فيما ذهبوا إليه كما سيأتي.

(فَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِهِ: الشَّافِعِيُّ (١)، وَأَبُو حَنِيفَةَ (٢)، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ (٣)، وَدَاوُدُ (٤)، وَغَيْرُهُمْ. وَأَمَّا الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ: فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اللّعَانُ عِنْدَهُ بِمُجَرَّدِ الْقَذْفِ (٥)، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا؛ إِنَّهُ يَجُوز، وَهِيَ أَيْضًا رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ) (٦).

جمهور العلماء ومنهم الأئمة الثلاثة وهي رواية أيضًا للإمام مالك،


(١) يُنظر: "تحفة المحتاج" لابن حجر للهيتمي (٨/ ٢٠٢) حيث يقول: "كما علم مما مر توقف على أنه (يسبقه قذف) بمعجمة أو نفي ولد، لأنه تعالى ذكره بعد القذف وهذا أعني القذف".
(٢) يُنظر: "مختصر القدوري" (ص: ١٦٧) حيث قال: "إذا قذف الرجل امرأته بالزنا وهما من أهل الشهادة والمرأة ممن يحد قاذفها، أو نفى نسب ولدها وطالبته بموجب القذف فعليه اللعان، فإن امتنع منه حبسه الحاكم حتى يلاعن أو يكذب نفسه فيحد، وإن لاعن وجب عليها اللعان، فإن امتنعت حبسها الحاكم حتى تلاعن أو تصدقه".
(٣) يُنظر: "الإقناع في فقه الإمام" للحجاوي (٤/ ١٠٠) حيث قال: "بأن يقذفها بالزنا في القبل أو الدبر، فيقول: زنيت، أو: يا زانية، أو: رأيتك تزنين".
(٤) يُنظر: "المحلى بالآثار" لابن حزم (٩/ ٣٣١) حيث قال: "إن من قذف امرأته بالزنا هكذا مطلقًا، أو بإنسان سماه - سواء كان قد دخل أو لم يدخل بها … ، فإن لم يأت بالبينة قيل له: التعن".
(٥) يُنظر: "التاج والإكليل" لأبي عبد اللّه المواق (٥/ ٤٥٧) حيث يقول: "ومن المدونة: يجب اللِّعان بأحدِ وَجْهينِ مجمع عليهما: أن يدَّعِيَ رؤية زناها كالمرود في المكحلة ثم لم يطأ بعد ذلك، أو ينفي حَملًا قبله استبراء في نكاحه (وإلا حد) ".
(٦) يُنظر: "شرح مختصر خليل" للخرشي (٤/ ١٢٧) حيث قال: " … فلم يذكر فيها رؤية زنا ولا نفي حمل ولا ولد، قاله ابن نافع وبعض كبار المتأخرين، والقولان في المدونة".

<<  <  ج: ص:  >  >>