للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدُ الأقوال الثلاثة التي له أن يضم الولد إليه وأن يقذفها بالزنا، لكونه متيقنًا من هذا الحمل أنه وُجِدَ بها قبل أن يوجد ما حصل منها من فاحشة.

(وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي فَرْعٍ وَهُوَ: إِذَا أَقَامَ الشُّهُودَ عَلَى الزِّنَا هَلْ لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ أَمْ لَا؟

الآن أصبح أمامه قضيتان الأولى أنه أثْبت شهود الزنا أربع، أي: رماها بالزنا وأقام البينة كما في الآية الأولى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: ٤]. فقد جاء بالشهداء الأربعة، فهل هو بالخيار بين أن يلاعن أم أن تحصل الشهادة ويثبت ذلك؟ أم يتعين اللعان؟ فالعلماء انقسموا إلى قسمين: بعضهم أجاز ذلك فقال: له أن يلاعن، وله أيضًا أن يأخذ بالشهودِ.

(فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (١)، وَدَاوُدُ: لَا يُلَاعِنُ، لِأَنَّ اللِّعَانَ إِنَّمَا جُعِلَ عِوَص الشُّهُودِ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ … } [النور: ٦]. الآيةَ. وَقَالَ مَالِكٌ (٢)، وَالشَّافِعِيُّ (٣): يُلَاعِن، لِأَنَّ الشُّهُودَ لَا تَأْثِيرَ لَهُمْ فِي دَفْعِ الْفِرَاشِ).

* يرى أبو حنيفة أن الآية الأولى عامة في القذف، ثم بعد ذلك خُصَّ الزوجان بالآية التالية لها. إذًا: لا ينبغي أن يحصل غير اللعان.

* والجمهور قالوا: هو مخير بين ذاك وذاك، فإما أن يلاعن، وإما أن يحضر الشهود فتأتي البَيِّنَةُ فيقام عليها الحد.


(١) يُنظر: "المبسوط" للسرخسي (٧/ ٥٥) حيث يقول: "ذكر ابن سماعة عن أبي يوسف - رحمهما الله تعالى - قال: لو قذفها الزوج ثم جاء بأربعة يشهدون عليها بالزنا، فلم يعدلوا لاعنها الزوج؛ لأنه قد استوجب اللعان بقذفه فلا يسقط عنه إِلَّا بثبوت الزنا عليها، والأصح أنه لا يلاعنها؛ لأن القاذف لو كان أجنبيًا فأقام أربعة من الشهداء بهذه الصفة لم يحد، وكذلك لا يلاعنها الزوج".
(٢) لم أقف عليه.
(٣) يُنظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (٥/ ٧٣) حيث يقول: "وله اللعان مع إمكان بينة بزناها".

<<  <  ج: ص:  >  >>