للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَهُوَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ظَاهِرِيٌّ مَحْضٌ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا اعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ عُمُومَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ - الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ" (١)، وَهَذ الْمَرْأَةُ قَدْ صَارَتْ فِرَاشًا لَهُ بِالْعَقْدِ، فَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ هَذه عِبَادَةٌ غَيْرُ مُعَلَّلَةٍ، وَهَذَا شَيْءٌ ضَعِيفٌ) (٢).

قوله: "الولد للفراش" هذا يشمل العقد أيضًا، فمتى عقَدَ الرجل على المرأة صارت فِراشًا له، ورسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الوِلد للفراش" (٣)، فليس في الحديث دليل على أن الوطء هو المعتبر أخذَا بظاهر النَّص، وهذه وجهة أبي حنيفة؛ لكن وجهة أبي حنيفة هو حرصُه على صيانة عرض المسلمة، وعدمُ وقوعها في المكروه، فكأنه يريد الدفاع عنها فأخذ بظاهر هذا الحديث حماية لعِرْضها.

* قال: (وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي فَرْعٍ، وَهُوَ: أَنَّهُ إِذَا ادَّعَى أَنَّهَا زَنَتْ وَاعْتَرَفَ بِالْحَمْلِ، فَعَنْهُ فِي ذَلِكَ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: إِحْدَاهَا أَنَّهُ يُحَدُّ، وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَد، وَلَا يُلَاعِنُ. وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ يُلَاعِنُ وَيَنْفِي الْوَلَدَ. وَالثَّالِثَةُ: أَنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَيُلَاعِنُ لِيَدْرَأَ الْحَدَّ عَنْ نَفْسِهِ. وَسَبَبُ الْخِلَافِ: هَلْ يَلْتَفِتُ إِلَى إِثْبَاتِهِ مَعَ مُوجِبِ نَفْيِهِ وَهُوَ دَعْوَاهُ الزِّنَا؟) (٤)

هنا أمران كأنهما في الظاهر متضادان فهو يقول: (زنَت) ويطلب ضَمَّ الحمْل إليه، وربما هذ الصورة تقع لذلك قال بها كثيرٌ من العلماء وهي


(١) سبق تخريجه.
(٢) يُنظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (٤/ ١٦٩) حيث يقول: "لا حاجة إلى هذا التكلف، بل قيام الفراش كاف ولا يعتبر إمكان الدخول".
(٣) سبق تخريجه.
(٤) يُنظر: "المعونة على مذهب عالم المدينة" للقاضي عبد الوهاب (ص: ٩٠٤) حيث يقول: "فإذا اعترف بالحمل ثم ادعى أنه رآها تزني ففيها ثلاث روايات، إحداها: أنه يحد ويلحق به الولد ولا يلاعن، والثانية: أنه لا يلاعن وينتفي عنه الولد، فإن اعترف به من بعد حد، والثالثة: أنه يلحق به الولد ويلاعن لنفي الحد".

<<  <  ج: ص:  >  >>