للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَشَذَّ أَبُو حَنِيفَةَ، فَقَالَ: مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ) (١)

وهذا حقيقة غير وارد؛ لأنه قد يعقد عليها وتمضي فترة طويلة، فلماذا يقال: من زمن العقد وهو لا أثر له في العقد، فالمتَّبَعُ هنا هو الوطء.

حتى وإن تيقن عندها أنَّ الدخول غيرُ ممكن، كأنْ عقد على امرأة في الشرق وهو في الغرب فكيف يكون هذا؟!

* قال: (وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الدُّخُولَ غَيْرُ مُمْكِنٍ حَتَّى إِنَّهُ إِنْ تَزَوَّجَ عِنْدَهُ رَجُلٌ بِالْمَغْرِبِ الْأَقْصَى امْرَأَةً بِالْمَشْرِقِ الْأَقْصَى، فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِرَأْسِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ إِلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ) (٢).

قصد بالعقد أي: عقد عليها، أما لو قصد التزوج الذي هو الوطء فهذا يرجع إلى مذهب الجمهور.

فقد يسأل سائل فيقول: لماذا يحصل هذا من الإمامِ الهمامِ صاحب الفقةِ قويِّ الحجةِ؟ " كل قوله هذا أراد أن يحمي به جانب المؤمِنةِ حرصًا على صيانة المرأة وإبعادها قدر الإمكان عن مواضع الشُّبْهة والشرور هذا الذي دفع الإمام أبو حنيفة إلى ذلك، فهو بنى على حديث: "دع ما يَرِيبك إلى ما لا يَرِيبُك" (٣). وبقية العلماء بنوا على الواقِعِ.


(١) يُنظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (٣/ ١٨٤) حيث قال: "وعند أبي حنيفة وأبي يوسف ابتداء المدة من وقت العقد".
(٢) يُنظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (٤/ ١٦٩) حيث قال: "لا حاجة إلى هذا التكلف بل قيام الفراش كاف ولا يعتبر إمكان الدخول؛ لأن النكاح قائم مقامه كما في تزوج المشرقي بمغربية بينهما مسيرة سنة فجاءت بولد لستة أشهر من يوم تزوجها".
(٣) أخرجه الترمذي (٢٥١٨)، والنسائي (٥٧١١) من حديث الحَسن بن علي - رضي الله عنهما -، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>