للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النكول والرجوع، وهو أن يقول ثم يرجع عنه، فهل الحكم يختلف، لو أن الزوج رمَى المرأة ثم بعد ذلك تراجع أيقام عليه الحد أم لا؟ ولو امتنعت المرأة عن اللعان فهل يقام عليها الحد أم لا؟ هذا فيه خلاف، فالصور مختلفة لأن الرجل قد رمَاها بالزنا، أمَّا هي فلو امتَنَعَتْ فيه خلاف بين العلماء كما سيأتي.

(فَأَمَّا إِذَا نَكَلَ الزَّوْجُ: فَقَالَ الْجُمْهُورُ: إِنَّهُ يُحَدُّ) (١).

* يُحَدّ كما في نص الآية: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)} [النور: ٤، ٥].

* فالآية الأولى جاءت في هذا الحكم عامة، والآية الثانية نزلت في الأزواج خاصة؛ ليكون ذلك فَرَجًا ومخرجًا للأزواج كما عرفَ القصة في ذلك، وسبب النزول، لأن الإنسان يقف موقفًا حَرَجًا أن يجد الرجل رجلًا مع امرأته فيرى المنكر ولا يستطيع أن يقتل الرجل، لأنه لو قَتَلَ قُتِلَ، ولو أنه قذف سيجلد، ولو أنه سكتَ على غيظٍ وألم، فهذا منكرٌ وكبيرة يراها فماذا يفعل؟ فقد جعل اللّه تعالى له هذا المخرج فرجًا وطريقًا للأزواج ليخرج منه، فإذا ما قذف الرجل المرأة ثم رجع فهو بذلك شهَّرَ بها ورماها بالزنا، فيحتاج إلى أن يؤدَّب على ذلك.


(١) المالكية، يُنظر: "التاج والإكليل" لأبي عبد الله المواق (٥/ ٤٦٧) حيث قال: "وإن نكَل الزوج حُدَّ حَدَّ القَذف".
والشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج" لابن حجر الهيتمي (٨/ ٢٢٨) حيث قال: "فإن أبَى أي من إنشاء القذف ثم اللعان حد أنه يسقط باللعان حد الفذف الأول أيضًا، وقد يصرِّح به قول المنهج مع شرحه ويلاعن لنفيه، وتسقط عقوبة القذف عنه بِلعانه فإن لم ينشئ عوقب".
والحنابلة، يُنظر: "الإقناع" (٤/ ١٠٢) حيث قال: "فإن نكل عن اللعان أو عن تمامه فعليه الحد"، ويُنظر: "شرح الزركشي" (٥/ ٥١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>