للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا نَكَلَتْ وَجَبَ عَلَيْهَا الْحَبْسُ حَتَّى تُلَاعِنَ) (١).

وهذه رواية عند أحمد، والرواية الآخرى أخف من ذلك وهي: أن يتُرَكَ أمرَهَا؛ لأن الإمام أحمد - رحمه الله - له وقفات في هذا المقامِ يقول: "هي لو لم تُلاعِنْ فلا أستطيع أن أقيم عليها الحد، بل لو اعترفتْ بالزِّنَا ثم رجعت لا أقيم عليها الحد، فكيف وهي من الأصل قد امتنعت؟ ". والأحاديث الواردة في هذا كثيرة، وهي بمجموعها أحاديث صحيحة منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم" (٢). وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ادرءوا الحدود بالشبهات" (٣)، وعمر - رضي الله عنه - طبَّق ذلك في زمَنِهِ - رضي الله عنه - كما في عام الرماده في قصة الذي سرَقَ، فإن عمر - رضي الله عنه - لم يطبق الحدَّ، ولذلك أمثلة كثيرة في الشريعة الإسلامية، وهذا يدل أيضًا على خُصوبة هذه الشريعة، وعلى شُمُولِها، وعلى مراعاتها لمصالح الناس، وأنها تسير مع الحياة في كل زمان ومكان، فإنها تضع العلاج الشافي الذي يزيل الداء ويقيم محله الشفاء.

قال: (وَحُجَّتُهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: "لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ") (٤).

* علل الفقهاء ذلك فقالوا: من النساء من يمنعها الحياء وبمثل ذلك يغفِرُها الحياء، إذًا هذه شبهة قد يكون الخجَلُ يمنعها من أن تنطق بمثل ذلك الكلام حتى ولو لم يكن حياء فالأمر ليس متيقنًا، والرسولُ - صلى الله عليه وسلم - قال في الحديث المتفق عليه: "لا يَحِلّ دمُ امرئ مسلِمٍ إِلَّا بإحدى ثلاث:


(١) يُنظر: "مجمع الأنهر" لشيخي زاده (١/ ٤٥٧) حيث قال: " .. (فإن أبت) المرأة عن اللعان (حبست) عندنا (حتى تلاعن أو تصدقه) ".
(٢) أخرجه الترمذي (١٤٢٤) من حديث عائشة - رضي الله عنها -، وقال الألباني في "إرواء الغليل" (٨/ ٢٠٥): "هو ضعيف مرفوعًا وموقوفًا، فإن مداره على يزيد بن زياد الدمشقي وهو متروك".
(٣) لم أقف عليه بهذا اللفظ.
(٤) أخرجه البخاري (٦٨٧٨)، ومسلم (١٦٧٦)، من حديث عبد اللّه بن مسعود - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>