الوفاء والشجاعة … وربما المحافظة على الجوار، ولهم صفات ذَمِيمَةٌ ويأتى في مقدمتها أنهم كانوا يعبدون غير اللّه.
فهذا عمر في الجاهلية وأمثال عمر كثيرة، كان أحدهم يسجد إلى حجَرٍ، فأين العقول الكبيرة؟! أين تلك العقول العظيمة التي فتح اللّه بها البلاد؟! فكانوا يسجدون لحجر وربما قام أحدهم فصنع إلهًا بيده فسجد له فإذا ما جاع أكله، وكانت تثور بينهم الحروب لأتفَهِ الأسباب، ويأكل القوي فيهم الضَّعيفَ في حروب لا تنقطع ولا تنتهي، وغارات لا يملون منها حتى إذا وجدوا بعيدًا أغار بعضهم على قريبه، هذه كانت حالتهم كلها تقوم على الفوضى، وعلى الجهل، وعلى التعدي، وشرب الخمر كان منتشرًا، وكان هناك الميسر وكثير من القبائح والرذائل، فجاء رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فنزل في ذلك المجتمع فأخذ يدعو الناس إلى توحيد اللّه سبحانه وتعالى، وأخذ يدعوهم إلى عَقيدَةِ الإسلام الصافية، ومكثَ الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة عشر عامًا بمكة أكثر من الفترة التي قضاها بعد ذلك في المدينة، وهو بذلك يدعو الناس إلى عقيدة التوحيد النَّقِيَّةِ الطاهرة، ولا يمَلُّ ولا يكَلُّ؛ لأنه يريد أن يضع أساسًا وقاعدة متينة، وفي هذا الزمان نحتاج إلى تكثير الثواب واللّه لا يؤاخذ المسلمون من قلة، وإنما يؤاخذ المسلمون عندما يخرجون عن دينهم، فما غُلِبَ المسلمون من قلة.
إذًا: هذا هو الخطأ الذي يتجه إليه بعض هؤلاء الذين اتجهوا إلى بعض الأفكار الوافدة أو إلى بعض الجماعات والأحزاب التي ينتمون إليها ويقولون: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}، فما دام هذا يحمل اسم الإسلام؛ يكفي.
وعلى ذلك هل الرسول - صلى الله عليه وسلم - اقتنع بذلك الأمر؟ لم يقتنعْ وأراد أن يُصلح النفوس، ولذلك كان عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - الذي ضَمَّ العُلماءَ عهده إلى عهد الخلفاء الراشدين يقول:"لا ينْبَغِي أن نسارع في فتح البلاد فنترك الناس على حالهم، وبنبغي إذا فتحنا بلادًا أنْ نغرس فيها عقيدة التوحيد، ونصلح نُفوس الناس، ثم بعد ذلك ينتقل أهل تلك البلاد إلى الفتح فينفع اللّه بذلك أحوال المسلمين".