للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما انتقل إلى المدينة انتقل إلى مرحلة أخرى وهي غرس روح الإسلام في نفوس أصحابه، وغرس دعائم العقيدة وثبَّتَها في قلوبهم، وأصبحت قلوبهم مُهَيَّئة إلى هذا الدِّين، ونجد أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يتابع ويتعاهد هذه العقيدة بنَفْسِه - صلى الله عليه وسلم - فإذا رأى خللًا في أمر من الأمور؛ ذكَّر بأحوال الجاهلية وقال: "دعوها فإنها مُنْتِنَةٌ" (١)، وكان من أول أعمال الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة أنه آخى بين المهاجرين والأنصار، وربطهم برباط الأُخُوَّةِ الإسلامية.

قال - رحمه اللّه تعالى -: (أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْإِحْدَادَ وَاجِبٌ عَلَى النِّسَاءِ الْحَرَائِرِ الْمُسْلِمَاتِ) (٢).

هنا هل الإجماع على بابه؟ ولو كان إجماعًا حقًّا فما مستنده؟ هكذا حكاه المؤلف وحكاه غيره، ولكن وُجد جمع قليل من العلماء خالفهم في ذلك منهم: الحسن البصري، وعامر الشعبي، والحكم بن عتيية الذي ذكره المؤلف، وهم من التابعين جميعًا، نُقل عنهم أنهم لا يرون الإحداد، لكنهم اختلفوا فيما نقل عنهم:

* فالحسن البصري نقل عنه: "أنه لا يرى أن المرأة تأخذ بالإحداد، وإنما لها أن تتريث، وأن تلبس ما تشاء من الثياب، ولها أن تنتقل من مكان إلى مكان، ولها أن تفعل كل ما يفعله غيرها".

* والحكم بن عتيبة وكذلك عامر الشعبي نقل عنهما: "أنهما لا يريا الإحداد" (٣). ولذلك أثر عن الإمام أحمد أنه قال: "الحسن البصري،


(١) جُزء من حديث طويل أخرجه البخاري (٤٩٠٥)، ومسلم (٢٥٨٤)، من حديث جابر بن عبد اللّه - رضي الله عنه -.
(٢) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (٢/ ٥٤) حيث يقول: "وأجمع الجميع على وجوب الإحداد على المتوفى عنها زوجها، إِلَّا الحسن فإنه حكي عنه أنه كان لا يرى الإحداد، وعلى كل زوجة بالغة عاقلة مسلمة حرة أن تحد على زوجها المتوفى عنها أربعة أشهر وعشرًا".
(٣) لقول الحسن البصري والشعبي يُنظر: "بحر المذهب" للروياني (١١/ ٣٣٦) حيث =

<<  <  ج: ص:  >  >>