للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حماد بن أبي سليمان فبقي عنده سبع سنوات، فحدثت نفس أبي حنيفة أن يستَقِلَّ بحلقة لكن وفاءه لشيخه وحبه له حال بينه وبين ذلك، فبقي عنده فلما تُوفي حماد بن أبي سليمان رُشِّحَ أبو حنيفة لتلك الحلقة.

إذًا: هؤلاء العلماء نقل عنهم أنهم اختَلَفُوا ومع ذلك يُعدُّ خلافهم نادِرًا؛ لأن كافة العلماء ذهبوا إلى خلاف ما ذهبوا إليه، ولذلك نسميه اتفاقًا، وأحاديث رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - صريحة في ذلك وهي كثيرة منها أحاديث زينب بنت أبي سلمة، بنت أم سلمة زوجة رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - لأنه لما توفي أبو سلمة تزوج رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - أم سلمة، والرسول - صلى الله عليه وسلم - قد جاء إليها وهي متألِّمَةٌ فأرشدها رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - إلى ما تقول ومما أرشدها إليه أن تقول: "اللهم أجرْنِي في مُصِيبَتِي واخلف لي خيرًا منها" (١). فكان الخليفة في ذلك هو خيرُ الخلق رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -. زينب ابنتها تقول: "دخلت على أم حَبِيبة - رضي الله عنها - زوج النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - في بعض الروايات "بعد اليوم الثالث" وقد جاءها وفاة والدها أبي سفيان بن حرب والد معاوية بن أبي سفيان قالت: جاءها وفاة والدها فدعت بِطِيب فيه صفرة فدَهَنَتْ جارية لها ثم مسحت أو مست عارضيها بشي منه ثم قالت - رضي الله عنها -: واللّه ما لى حاجة بالطيب إِلَّا أنني سمعت رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يَحِلُّ لامرأة تؤمن باللّه واليوم الآخر أن تحد على مَيِّت فوق ثلاث ليالي، إِلَّا على زوج أربعة أشهر وعشرًا" (٢).

قالت زينب ثم دخلت على زينب بنت جحش قالت: عندما توفي أخوها فدعت بطِيبٍ كما فعلت أمُّ حبيبة فمَسَّتْه ثم قالت: "واللّه ما حاجة لي به، غير أني سَمعت رسولَ اللّه - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يحل لامرأه تؤمن باللّه واليوم الآخر أن تحد على مَيِّتٍ فوق ثلاث، إِلَّا على زوج أربعه أشهر وعشرًا"" (٣)، فهذه الأحاديث فيها فوائد ومثلها أيضًا الحديث المتفق عليه عندما دخلت على أمها أم سلمة فذكرت لها أن امرأة جاءت إلى


(١) هو جزء من حديث أخرجه مسلم (٩١٨).
(٢) أخرجه البخاري (٥٣٣٤)، ومسلم (١٤٨٦).
(٣) أخرجه البخاري (٥٣٣٥)، ومسلم (١٤٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>