للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأجمعَ المسلمون على جوازِ البيع (١).

والحكمةُ تقتضيه؛ لأنَّ حاجة الإنسان تتعلَّق بما في يد صاحبه غالبًا، وصاحبه قد لا يبذله له ففي تشريع البيع وسيلة إلى بلوغ الغرض من غير حرجٍ. فلذلك يتعيَّن على المسلم الاهتمامُ به وبمعرفة أحكامه؛ لعموم الحاجة إليه والبلوى به؛ إذ لا يخلو المكلَّف غالبًا من بيع أو شراء فينبغي أن يعلم حُكْمَ اللّه فيه قبل التلبُّس به (٢).

* قول: (الْكَلَامُ فِي الْبُيُوعِ يَنْحَصِرُ فِي خَمْسِ جُمَلٍ: فِي مَعْرِفَةِ أَنْوَاعِهَا).

يذكر المصنِّف - رَحِمَهُ اللّه - مقدِّمات لضبط أبواب الفقه التي يكثر مسائلها، فحصرها في خمس جمل.

الأولى: أنواعها، أي: أنواع البيوع، فالبيع له صور مختلفة، ولكلِّ صورة شروطها، وأحكام تتعلَّق بها، فالبيع في حقيقته واحدٌ لكنَّ فوارقه متعددة، فالإجارة بيعٌ، لكنَّها بيعُ منفعة، والصرفُ بيعٌ لكنَّه لما تعلَّق بالنقد سموه صرفًا، أي: أنك تغيِّرُ بعض الريالات إلى عملة أخرى أو العكس.

إذًا فالبيع مجالُه واسع، فقولنا مثلًا: "كتاب الفقه" يشمل الطهارة والصلاة والصيام وغيرها، ونطلق عليها جميعها فقهًا، كذلك البيوع له صور وأحكام متعددة، ويُطلَق عليها كلُّها بيوعًا، لكن عند التفصيل كلٌّ له حَدُّه الخاص به؛ فهذا بيع، وهذا سلم، وهذا صرف إلى غير ذلك.


(١) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٣/ ٤٨٠)؛ حيث قال: "وأجمع المسلمون على جواز البيع في الجملة، والحكمة تقتضيه؛ لأنَّ حاجة الإنسان تتعلق بما في يد صاحبه، وصاحبه لا يبذله بغير عوض، ففي شرع البيع وتجويزه شرع طريق إلى وصول كل واحد منهما إلى غرضه، ودفع حاجته".
(٢) قال القرافي في "الفروق" (٢/ ١٦٢): "وأمَّا الجهل فليس كذلك؛ لأن من القاعدة التي حكى الغزالي في "إحياء علوم الدين"، والشافعي في رسالته الإجماعَ عليها من أن المكلف لا يجوز له أن يقدم على فعل حتى يعلم حكم اللّه فيه، فمن باع وجب عليه أن يتعلم ما عينه اللّه وشرعه في البيع".

<<  <  ج: ص:  >  >>