للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا بد في البيع أن ينعقد بين اثنين فأكثر، والمباع إما شيء معين ومحدد، أو شيء موصوف بالذمة، أو منفعة.

والثمن إما أن يكون عينًا، أو ذِمة أو منفعة.

فقوله: [عينًا بعينٍ]، أي: عين مقابلها عين أخرى، كشراء شيء معيَّن كبَيت مثلًا بسيارة معينة، ويُسمَّى مقايضة.

وإذا عُيِّن الثمن والمثمن، فلا يجوز لأحدهما أن يبدلَ ما قد عينه لأيِّ سبب، فإذا قال: بعتك هذه السيارة، فليس له أن يأتي بغيرها، فإن ظهر بها عيب فُسِخ البيع، فلا يقال: يجب أن يأتي بسيارة أخرى، وسيأتي بيانه.

* قوله: (أَوْ عَيْنًا بِشَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ).

"العين": ما تمَّ تعينه، "بشيء موصوف في الذمة"، بشرط أن يكون مما ينضبط بالصفة؛ نحو بعتك سيارتي هذه بشيء موصوف في الذمة وهو السَّلَم.

* قوله: (أَوْ ذِمَّةٍ بِذِمَّةٍ).

وهو الدَّين، كلاهما ذمة بذمة، وكلاهما موصوفان في الذمة.

* قوله: (وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ إِمَّا نَسِيئَةٌ وَإِمَّا نَاجِزٌ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ أَيْضًا إِمَّا نَاجِزٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، وَإِمَّا نَاجِزٌ مِنَ الطَّرَفِ الْوَاحِدِ نَسِيئَةٌ مِنَ الطَّرَفِ الآخَرِ، فَتَكُونُ كُلُّ أَنْوَاعِ الْبُيُوعِ تِسْعَةٌ. فَأَمَّا النَّسِيئَةُ) (١) مِنَ الطَّرَفَيْنِ فَلَا يَجُوزُ بِإِجْمَاعٍ لَا فِي الْعَيْنِ وَلَا فِي الذِّمَّةِ).

وهذا الذي حَذَّر منه الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما خطب الناس في حَجة الوداع، فقال: "إِنَّ أَوَّلَ رِبًا أَضَعُهُ رِبَانَا؛ رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ" (٢)، فرسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - لم تأخذه في اللّه لومةُ لائم، وأول ما بدأ بدأَ بعمِّهِ العباس


(١) "النسيئة"، هي: التأخير، تقول: نَسَأْتُ الشيءَ نَسْأً، وأَنسَأتُه إِنْساءً، إذا أخَّرْتَه.
"النهاية في غريب الحديث والأثر" (٥/ ٤٤).
(٢) أخرجه مسلم (١٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>