للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مع أنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ؟ " (١) أي: مثله.

وكذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: "وَالَّذِي نَفْسُ محَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ محَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا" (٢)، وهذا هو العدل الواجبُ بين الناس.

فبدأ رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - بأهله في ذلك، كما بدأ بهم عندما أمره اللّه أن يجهرَ بالدَّعوة؛ فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "لمَّا نزلت: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)} [الشعراء: ٢١٤]، صعد النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على الصَّفا، فجعل يُنادي: "يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ" - لبطون قريش - حتَّى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولًا لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش، فقال: "أَرَأَيْتَكمْ لَوْ أَخْبَرْتُكمْ أَنَّ خَيْلًا بِالْوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ، أَكُنْتُم مُصَدِّقِيَّ؟ ". قالوا: نعم، ما جربنا عليك إِلَّا صدقًا، قال: "فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكمْ بَيْنَ يَدَيَّ عَذَابٌ شَدِيد". فقال أبو لهب: تبًّا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فنزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢)} [المسد: ١، ٢] (٣).

ومع ذلك لما دعاهم إلى الحقِّ أبوا وأعرضوا إِلَّا مَن هداه اللّه منهم.

والنسيئةُ لا تجوز بإجماع؛ لأنَّ فيها ظلمًا وتعدِّيًا وأكلٌ لأموال الناس بالباطل، وقد نهى اللّه - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - عن ذلك؛ لأن البيع فيه مصلحة للطرفين، وإعانة على الخير، وفيه ربح وخسارة؛ فقد يربح البائع أو المشتري اليوم ويخسر غدًا، وهذا شأن الدنيا.

أما الرِّبا (٤) فليس كذلك، فالمستفيد منه طرف واحد، وهو (آكله)؛ إذ ربحه مضمون؛ لأنه يستغل فقر أخيه وحاجته، فيسلب ماله.


(١) أخرجه مسلم (٩٨٣).
(٢) أخرجه البخاري (٣٤٧٥)، ومسلم (١٦٨٨).
(٣) أخرجه البخاري (٤٧٧٠)، ومسلم (٢٠٨).
(٤) ربا الشيء يربو ربوًا، أي: زاد. "الصحاح" (٦/ ٢٣٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>