للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويلحق بالخمر كلُّ مسكر، فما ثبت إسكاره يلحق بها على الرأي الصحيح.

* قوله: (إِلَّا خِلَافًا شَاذًّا فِي الْخَمْرِ: أَعْنِي فِي كَوْنِهَا نَجِسَةً (١)، وَالْمَيْتَةُ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا الَّتِي تَقْبَلُ الْحَيَاةَ).

[والميتة بجميع أجزائها]، أي: من شحم وعظم - وفيه خلاف سيأتي - ثم قيَّد، فقال: [التي تقبل الحياة]؛ لأن الشعر يقبل النمو، فما يتعلق بشعر الميتة فيه خلاف بين العلماء، ولم يتعرض له المؤلف، فالأئمة الثلاثة أبو حنيفة (٢)، ومالك (٣)، وأحمد (٤): يذهبون إلى أن شعر الميتة ليس بنجس، وذهب الإمام الشافعي إلى نجاسته (٥)، ولذلك قال: [التي تقبل الحياة]، واستدل الشافعية على نجاستها بدليلين:

الدليلُ الأولُ: من الأثر، وهو حديث: "ادْفِنُوا الْأَظْفَارَ وَالدَّمَ وَالشَّعْرَ فَإِنَّهَا مَيْتَةٌ"، وهو حديث ضعيف (٦)، لكنَّه دليلهم الأولى.


(١) "المغني"، لابن قدامة (٩/ ١٧١) قال: "والخمر نجسة. في قول عامة أهل العلم؛ لأنَّ اللّه تعالى حرمها لعينها، فكانت نجسة، كالخنزير".
(٢) قال القدوري في "مختصره" (ص ١٣، ١٤): "وشعر الميتة وعظمها، وعصبها وحافرها وقرنها طاهر".
(٣) قال الدسوقي في "حاشيته على الشرح الكبير للشيخ الدردير" (١/ ٥٥): بعد أن ذكر قول الشافعية بنجاسة شعر الآدمي، قال: "وأما عندنا فالشعر طاهر".
(٤) الحنابلة لهم روايتان، الراجح فيها القول بعدم نجاسته. "الروايتين والوجهين"، للقاضي أبي يعلى بن الفراء (١/ ٦٥). قال البهوتي في "شرح منتهى الإرادات" (١/ ٣١): "لا ينجس صوف وشعر وريش ووبر من حيوان طاهر في حياة بموت أصله".
(٥) قال الخطيب الشربيني: "وَعظم الْحَيَوَانَات الْميتَة، وشعرها، وقرنها، وظفرها، وظلفها نجس؛ لقَوْله تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} وَتَحْرِيم مَا لَا حُرْمَة لَهُ وَلَا ضَرَر فِيهِ يدل على نَجَاسَته". "الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع" (١/ ٢٩).
(٦) أخرجه البيهقيّ في "السنن الكبرى" (٧٦) وضعَّفه. قال الألبانِيُّ: "الحديث موضوع".
"سلسلة الأحاديث الضعيفة" (٢١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>