للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الدليلُ الثاني: قولهم: أليس اللّه - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - قد حرم الميتة، وأطلق ذلك، فقال: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣]، وهذا يتناول جميع أجزائها؛ فيدخل فيها الشعر، لأنه ينمو - لم يقولوا: يتغذَّى - فيكون محرمًا كبقية أجزائه.

أمَّا الأئمة الثلاثة: فقالوا: بعدم تحريم شعر الميتة، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة، منها:

قول اللّه تعالى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: ٨٠]، فقالوا: ذكر اللّه - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - هذه الأصناف الثلاثة، وهي متشابهة، ومنها الشعر، وأطلق - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - فلم يفرق بين ما أخذ من حي، وما أخذ من ميت، فدلَّ ذلك على عدم نجاسة الشعر.

* قوله: (وَكَذَلِكَ الْخِنْزِيرُ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ الَّتِي تَقْبَلُ الْحَيَاةَ).

أما الخنزير فإن اللّه - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - قال: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: ١٤٥]، واختلف في عود الضمير في قوله: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ}، فبعضهم يقول: يعود إلى جميع ما ذكر، وبعضهم يقول: على الخنزير فقط، لأنه أقرب مذكور.

والصحيح: أنه عائد على الخنزير فقط فهو رجس نجس بجميع أنواعه وجميع أجزائه، بخلاف ما مرّ من شعر الحيوان المعقول الذي اختُلِف فيه (١).

* قوله: (وَاخْتُلِفَ فِي الانْتِفَاعِ بِشَعْرِهِ، فَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنَعَهُ أَصْبَغُ) (٢).


(١) قال ابن حزم: "واتفقوا على أَن لحم الخنزِير وشحمه وودكه وغضروفه ومخه وعصبه حرَام كُله وكل ذَلِك نجس". "مراتب الإجماع" (ص ٢٣).
(٢) قال ابن القاسم: "لا بأس ببيع شعر الخنزير الوحشي كصوف الميتة". وقال أصبغ: =

<<  <  ج: ص:  >  >>