هذا الباب من أخطر أبواب الفقه وأشدها وأعظمها، وهي من الأبواب التي ينبغي أن يقف عندها المسلمُ وقفةَ تدبُّر وتأنٍّ، ولأجل ذلك حرص عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الصحابي الجليل، الخليفة الراشد، ثاني الخلفاء الراشدين، المؤيد بنزول القرآن برأيه - أن لو بيَّن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - أمورًا للمؤمنين قبل وفاته كبعض مسائل الميراث كالكلالة، وبعض أبواب الرِّبا.
أمَّا الرِّبا فأصوله قد بيَّنها اللّه - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -، وبيَّنها كذلك رسوله - صلى الله عليه وسلم -، لكن هناك بعض المسائل التي اختُلف فيها كما سيأتي؛ لأجل توسع المعاملات في هذا العصر؛ لتنوعها وتعدُّدها، وتنوُّع الوسائل المستخدمة في المعاملات، فكلٌّ يحاول أن يضع ذرائع وأسبابًا ووسائل ليتوصل عن طريقها إلى إباحة المعاملة.
ولا يختلف العلماء في تحريم الرِّبا فاللّه - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - قد حرَّمه في كتابه العزيز صريحًا، وحرَّمه رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، وبيَّن ذلك غاية البيان.
وعندما نتدبَّرُ جملةً من آيات الرِّبا نعلم مدى عظمة القرآن الذي أنزله اللّه - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - هداية للناس جميعًا يهديهم إلى الحق وإلى طريق مستقيم كما جاء التنصيص على ذلك، وأن القرآن قد اشتمل على ما فيه خير للناس وسعادتهم ونجاتهم في الحياة الدنيا والآخرة.
ولم يفارق رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - هذه الحياة الدنيا، ولم يلحق بالرفيق الأعلى إِلَّا وقد بيَّن لنا ما نحتاج إليه، وأكمل لنا أصول الدين، وبلغنا غاية البلاغ.
واللّه - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - عندما يذكر آيات الربا إما أن يقدم لها بآيات الصدقات، وإما أن يوسط ما يتعلق بالإنفاق والصدقات بينها؛ ليكون المؤمن الفطن حذرًا؛ ليعلم الحق من غيره، وليقف على ما في الصدقات من الفضل