للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الهلاك - ميتةَ إنسان فهل له أن يأكلها أو لا؟ فكلام الفقهاء في غير المعصوم معروف، ولكن في المعصوم مختلف فيه (١)، والمسألة فيها خلاف يرجع إلى قاعدة إزالة الضرر ثم المتفرع عنه، والضرورات تبيح المحظورات، وبعضهم نصّ على استثناء لحم الأنبياء (٢) كما هو معروف في كتب القواعد.

* قوله: (فَقَالُوا فِي قِيَاسِهِمْ هَكَذَا الْإِنْسَانُ حَيَوانٌ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُه، فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُ لَبَنِهِ، أَصْلُهُ لَبَنُ الْخِنْزِيرِ وَالأتَانِ).

[الإنسان حيوان] هذا هو الأصل، لكن يضاف إليه كلمة: نَاطقٌ، فاللّه وهبَهُ العقلَ والنطق، ولهذا تميَّز وارتفع عن الحيوان.


(١) مذهب المالكية: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير و"حاشية الدسوقي" (١/ ٤٢٩)، قال: "والنص" المعول عليه "عدم جواز أكله"، أي: أكل الآدمي الميت ولو كافرًا "لمضطر"، ولو مسلمًا لم يجد غيره، إذ لا تنتهك حرمة آدمي لآخر "وصحح أكله أيضًا"، أي: صحَّحَ ابن عبد السلام القول بجواز أكله للمضطر.
مذهب الشافعية: "مغني المحتاج" للشربيني (٦/ ١٦٠) قال: "وله"، أي: المضطر "أكل آدمي ميت" إذا لم يجد ميتة غيره كما قيداه في "الشرح" و"الروضة"؛ لأن حرمة الحيِّ أعظم من حرمة الميت، ويستثنى من ذلك ما إذا كان الميت نبيًّا فإنه لا يجوز الأكل منه جزمًا كما قاله إبراهيم المروزي، وأقره وما إذا كان الميت مسلمًا والمضطر كافرًا، فإنه لا يجوز له الأكل منه لشرف الإسلام، بل لنا وجه أنه لا يجوز أكل الميت المسلم ولو كان المضطر مسلمًا.
تنبيه: حيث جوَّزنا أكل ميتة الآدمي المحترم لا يُجوِّزُ طبخها ولا شيها لما فيه من هتك حرمته، ويتخير في غيره بين أكله نيئًا ومطبوخًا ومشويًّا.
مذهب الحنابلة: "الإنصاف" للمرداوي (١٠/ ٣٧٦) قال: "وإن وجد معصومًا ميتًا: ففي جواز أكله، وجهان" … ، والوجه الثاني: يجوز أكله. وهو المذهبُ على ما اصطلحناه، صحَّحه في "التصحيح"، واختاره أبو الخطاب في "الهداية"، و"المصنف"، و"الشارح". قال في "الكافي ": "هذا أولى"، وجزم به في الوجيز.
(٢) كالشافعية "مغني المحتاج" للشربيني (٦/ ١٦٠) قال: (وله)، أي: المضطر "أكل آدمي ميت" … ويستثنى من ذلك ما إذا كان الميت نبيًا فإنه لا يجوز الأكل منه جزمًا كما قاله إبراهيم المروزي وأقره.

<<  <  ج: ص:  >  >>