للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو قول لبعض الحنابلة (١).

* قوله: (وَأَبُو حَنِيفَة لَا يُجَوِّزُهُ (٢). وَعُمْدَةُ مَنْ أَجَازَ بَيْعَهُ أَنَّهُ لَبَن أُبِيحَ شُرْبُهُ فَأُبِيحَ بَيْعُهُ قِيَاسًا عَلَى لَبَنِ سَائِرِ الْأَنْعَامِ، وَأَبُو حَنِيفَةَ يَرَى تَحْلِيلَهُ إِنَّمَا هُوَ لِمَكَانِ ضَرُورَةِ الطِّفْلِ إِلَيْهِ، وَأَنَّهُ فِي الْأَصْلِ مُحَرَّمٌ؛ إِذْ لَحْمُ ابْنِ آدَمَ مُحَرَّمٌ، وَالْأصْلُ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْأَلْبَانَ تَابِعَةٌ لِلُّحُومِ).

يقول المؤلف: لدى الحنفية قاعدة معروفة مسلمة في مذهبهم؛ وهي: أن لم الآدمي محرم، وهذا أمر معروف ليس عند الحنفية وحدهم (٣)، ولكن الخلاف في حالة الضرورة فيما لو وجد إنسانٌ مضطر - قد أشرف


(١) "المبدع في شرح المقنع" لابن مفلح (٤/ ١١)، قال: "وَيجُوز بَيْعُ الْعَبْدِ المرتد … ولبن الآدميات وجهان" ظاهر كلام الخرقي، واختاره ابن حامد وصححه في "الشرح" وغيره، وجزم به في "الوجيز" أنه يصحُّ بيع لبن الآدمية المنفصل منها، لأنَّه طاهر منتفع به كلبن الشاة، ولأنه يجوز أخذ العوض عنه في إجارة الظّئْر أشبه المنافع، والثاني: لا يجوز قدمه في "المحرر"؛ لأنه مائع خرج من آدمية كالعرق أو لأنه من الآدمي، فلم يجز بيعه كسائر أجزائه، وجوابه أن العرق لا نفع فيه بدليل أنه لا يباع عرق الشاة ويباع لبنها، وحرم بيع العضو المقطوع، لأنَّهُ لا نفع فيه، وقيل: يجوز من الأمة؛ لأن بيعها جائز، فكذا لبنها كسائر أجزائها دون الحرة، لكن قال أحمد: أكره للمرأة بيع لبنها، واحتجَّ ابن شهاب وغيره بأن الصحابة قضوا فيمن غر بأمة بضمان الأولاد، ولو كان للبن قيمة لذكروه.
(٢) "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" للزيلعي و"حاشية الشلبي" (٤/ ٥٠) قال: و"لبن امرأة" قال الفقيه أبو الليث في "شرح الجامع الصغير": "سمعت الفقيه أبا جعفر يقول: سمعت الفقيه أبا القاسم أحمد بن حم قال: قال نصر بن يحيى سمعت الحسن بن سيهوب يقول: سمعت محمد بن الحسن يقول: جواز إجارة الظئر دليل على فساد بيع لبنها؛ لأنه لما جازت الإجارة ثبت أن سبيله سبيل المنافع وليس سبيله الأموال؛ لأنَّه لو كان مالًا لم تجز إجارته، ألا ترى أن رجلًا لو استأجر بقرة على أن يشرب لبنها لم تجز الإجارة؛ فلما جاز إجارة الظئر ثبت أن لبنها ليس، بمال وذكر في إجارة العيون لو أن رجلًا استأجر شاة لتُرضِع جديًا أو صبيًّا فإنه لا يجوز؛ لأن اللبن ليس له قيمة".
(٣) "الدر المختار" و"حاشية ابن عابدين" (رد المحتار) (٦/ ٣٣٨) قال: "وإن قال له آخر اقطع يدي وكلها لا يحل؛ لأن لحم الإنسان لا يباح في الاضطرار لكرامته".

<<  <  ج: ص:  >  >>