للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنجاسات التحريمُ إِلَّا أن يصرفها صارف من التحريم إلى غيره.

والمسألة مختلف فيها؛ فالأصل في الأشياء - عند أكثر العلماء - الإباحة حتَّى يرد دليل يحرم، وبعضهم يرى أن الأصل في الأشياء الحذر (١)، وقد وردت أدلة حرمت تلك الأشياء، وحرمت ثمنها.

* قوله: (وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي الْمَذْهَبِ فِي غَسْلِهِ وَطَبْخِهِ هَلْ هُوَ مُؤَثِّرٌ فِي عَيْنِ النَّجَاسَةِ وَمُزِيلٌ لَهَا عَلَى قَوْلَيْنِ، أَحَدُهُمَا: جَوَازُ ذَلِكَ، وَالْآخَرُ: مَنْعُه، وَهُمَا مَبْنِيَّان عَلَى أَنَّ الزَّيْتَ إِذَا خَالَطَتْهُ النَّجَاسَةُ هَلْ نَجَاسَتُهُ نَجَاسَةُ عَيْنٍ أَوْ نَجَاسَةُ مُجَاوَرَةٍ؟).

والفرق بين النجاستين:

أن نجاسة العين أصبحت جزءًا من المتنجس، والنجاسة المجاورة جاورت نجاسة، ويمكن غسل المتنجس - بالنجاسة المجاورة - وإزالة النجاسة منه، وينتهى الأمر كالحال لو وقع شيء في نجاسة ثم غُسِلَ وزالت النجاسة منه، لأنَّها مجرد مجاورة، أمَّا الشيء فطاهر في أصله.

* قوله: (فَمَنْ رَآهُ نَجَاسَةً مُجَاوَرَةٍ طَهَّرَهُ عِنْدَ الْغَسْلِ وَالطَّبْخِ، وَمَنْ رَآهُ نَجَاسَةَ عَيْنٍ لَمْ يُطَهِّرْهُ عِنْدَ الطَّبْخِ وَالْغَسْلِ. وَمِنْ مَسَائِلِهِمُ الْمَشْهُورَةُ فِي هَذَا الْبَابِ اخْتِلَافُهُمْ فِي جَوَازِ بَيْعِ لبَنِ الآدَمِيَّةِ إِذَا حُلِبَ، فَمَالِكٌ (٢) وَالشَّافِعِيُّ (٣) يُجَوِّزَانِهِ).


(١) "تحرير المسألة في نهاية السول" للإسنوي (ص ٣٦٠ - ٣٦١)، و"البحر المحيط" للزركشي (٨/ ٨ - ١٢).
(٢) "مواهب الجليل" للحطاب (٤/ ٢٦٥)، قال: "ويجوز بيع لبن الآدميات؛ لأنه طاهر منتفع".
(٣) "المجموع" للنووي (٩/ ٢٥٤) قال: "بيع لبن الآدميات جائز عندنا لا كراهة فيه هذا المذهب، وقطع به الأصحاب إِلَّا الماوردي والساشي والروياني فحكوا وجهًا شاذًّا عن أبي القاسم الأنماطي من أصحابنا أنه نجس لا يجوز بيعه، وإنما يربى به الصغير للحاجة، وهذا الوجه غلط من قائله.

<<  <  ج: ص:  >  >>