للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبل انتهاء الأجل فيذهب إلى الدائن فيقول له: ضع عني شيئًا من هذا المال، وأدفع لك حالًا، فهنا قصر في مدة الأجل، وفي نفس الوقت قلَّل المبلغ، ولو نظرنا إلى أقوال العلماء لوجدنا أن الأكثر يقولون: بعدم الجواز، لكن ليست العبرة أن يكون هذا هو رأي الأكثر، بل العبرة أن يكون هناك دليل صريح على ذلك، وإذا كان عمر - رضي الله عنه - تحيّر وأشكل عليه وعلى الصحابة بعض أبواب الربا التي لم تنكشف في زمن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، لأن آيات الرِّبا نزلت في أواخر حياة رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - (١)، وبعضهم قيدها بأيام، فعلينا تكون أشكل، فعندما ينسب القول بعدم الجواز لأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد في المشهور (٢)، نقول: هذا رأي الأئمة، والقول الآخر: هو قول أحمد في رواية عنه (٣).


(١) أخرجه ابن ماجة (٢٢٧٦) وغيره، ولفظه: "إِنَّ آخر ما نزلت آية الرِّبا، وإنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قُبِضَ ولم يفسرها لنا، فدعوا الربا والريبة"، وصححه الألبانِيُّ في "صحيح ابن ماجة" (٥/ ٢٧٦).
(٢) قال ابن عبد البر: "اتَّفق مالك وأبو حنيفة وأصحابهما إِلَّا زفر على أن ضع وتحجَّل ربًا، واختلف في ذلك قول الشافعي، فقال مرة: لا بأس فيه ورآه من المعروف، ومرة قال: ضع وتعجل لا يجوز". "الاستذكار" (٦/ ٤٨٩، ٤٩٠).
قال الروياني من الشافعية: "قال أصحابنا: ليس ذلك - أي: قول الشافع - على قولين، وإنما هو على اختلاف حالين فالموضع الذي قال: يجوز في الدين على ما حكاه المزني هو أن يتعجل ويضع ولا يجعله شرطًا، فإذا كان كذلك فهو جائز، والذي قال: لا يجوز إذا جعله شرطًا، وهذا كما قال في كتاب الصلح: إذا كان له على آخر ألف درهم فأعطاه خمسمائة على أن يبرئه من الباقي لم يجز، وإن أخذ خمسمائة، وأبرأه من الباقي من غير شرط جاز وبرئ، وقيل: أشار المزني إلى قولين، وهو غلط منه وهذا لا يصح؛ لأن المزني لم يعتقد إِلَّا ما ذكرنا من غير إشكال". "بحر المذهب" (٨/ ٣٤٣، ٣٤٤).
(٣) قال المرداوي: "وَلَوْ صَالَحَ عَنْ الْمُؤَجَّلِ بِبَعْضِهِ حَالًّا: لَمْ يَصِحَّ". هَذَا الْمَذْهَبُ. نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي"الْوَجِيزِ"، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي "الْفُرُوعِ"، وَغَيْرِهِ. وَفِي"الْإِرْشَادِ"، وَ"الْمُبْهِجِ": رِوَايَةٌ يَصِحّ. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدَّينِ: لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ هُنَا. "الإنصاف" (٥/ ٢٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>