للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخلاصة: أن أكثر المحققين من العلماء أخذوا بالقول الآخر (١)، وهو مما أذهب إليه حقيقة.

و"ضع وتعجل"، أي: أعطيك حقك قبل أن ينتهي الأجل مقابل أن تخفض عني، وهذا في نظري من باب التيسير، وليس من الرِّبا؛ لأن ذاك أتقضي أم ترابي، وهذا ليس فيه نفع إِلَّا لطرفٍ واحد، لكن في هذه الصورة (ضع وتعجل) حصل النفع للجانبين؛ فتفادى الدائن طول الأجل عليه، واستفاد بالمبلغ بين يديه، واستفاد المدين أيضًا بخفض الدين عليه، فكل منهم مستفيد، ففيه مصلحة للطرفين.

وأما الرِّبا المحرَّم فهو الذي فيه ضرر على أحد الطرفين؛ لأن المرابي هو المستفيد، والمدين هو المتضرر.

* قوله: (وَسَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ: وَأَمَّا الرِّبَا فِي الْبَيْعِ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ صِنْفَانِ: نَسِيئَةٌ وَتَفَاضُلٌ).

جاءت عدّة أحاديث في ذلك، منها:

حديث عبادة بن الصامت بروايات متعددة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك أيضًا حديث عمر بن الخطاب المتفق عليه (٢)، وهو صريح في تحريم الرِّبا، لكنَّ النصَّ جاء في أمور ستة فقط: "الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ


(١) قوله هذا قول أكثر المحققين من العلماء فيه نظر، بل الأكثرون على خلافه.
قال ابن قدامة: إذا كان عليه دين مؤجل، فقال لغريمه: ضع عني بعضه، وأعجل لك بقيته. لم يجز. كرهه زيد بن ثابت، وابن عمر، والمقداد، وسعيد بن المسيب، وسالم، والحسن، وحماد، والحكم، والشافعي، ومالك، والثوري، وهشيم، وابن علية، وإسحاق، وأبو حنيفة. وقال المقداد لرجلين فعلا ذلك: كلاكما قد آذن بحرب من اللّه ورسوله. وروي عن ابن عباس: أنه لم ير به بأسًا. وروي ذلك عن النخعى، وأبي ثور؛ لأنه آخذ لبعض حقه، تارك لبعضه، فجاز، كما لو كان الدين حالًا. "المغني" (٤/ ٣٩).
(٢) أخرجه مسلم (٢١٣٤)، ومسلم (١٥٨٦)، ولفظه: "الذَّهَبُ بِالذَّهَب رِبًا إِلَّا هَاء وَهَاء، وَالبُرُّ بالبُرِّ رِبًا إِلَّا هَاء وَهَاء، والتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا هَاء وَهَاء، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاء وَهَاء".

<<  <  ج: ص:  >  >>