* قوله: (إِلَّا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ إِنْكَارِهِ الرِّبَا فِي التَّفَاضُلِ لِمَا رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ:"لَا رِبًا إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ"، وَإِنَّمَا صَارَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الرِّبَا فِي هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ؛ لِثُبُوتِ ذَلِكَ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم -. وَالْكَلَامُ فِي الرِّبَا يَنْحَصِرُ فِي أَرْبَعَةِ فُصُولٍ).
ومن شأن المؤلِّف - رَحِمَهُ اللّه - كُلَّما أراد أن يشرعَ في باب من الأبواب، رتَّبه في جمل، وربما في فصول، أو مسائل، ثم يأخذ بالأمهات ولا يُعنى كثيرًا بالفروع.
والباب معقود لمعرفة ما يجوز فيه التفاضل وما لا يجوز، كأن يبيع إنسان فرسًا بفرسين، أو يبتاع عبدًا بعبدين، وقد فعل رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - ذلك.
ونحن بحاجة إلى أن نتعرف إلى علل الرِّبا التي من أجلها حُرِّم الرِّبا، فهي تختلف بلا شكٍّ بين النقدين وبين غيرهما، وأهل الظاهر يقيمون حجة على الجمهور، فيقولون: إذا لم تتوصلوا إلى معرفة العلة فكيف تقومون بتحريم أمور لم يحرمها اللّه في كتابه ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم - كما سيأتي في تحريم ما عدا الأصناف الستة المذكورة آنفًا كالأرز، والقطن، وكثير من المأكولات، والمعاملات، وما يقال من أن علَّة النقدين مثلًا هي الوزن، قد يردُّها الجميع؛ لأنهم سيقولون: إن الأوراق النقدية ليس فيها ربًا، لكن الصحيح أن العلَّةَ هي الثمن، وإذا قلنا بأن الثمن هو العلة دخل في ذلك كُلُّ معاملة.