للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَأَنَّ مَا عَدَاهَا لَا يَمْتَنِعُ فِي الصِّنْفِ الْوَاحِدِ، مِنْهَا التَّفَاضُلُ).

يريد أصحاب هذا الرأي أن يقصروا ربا الفضل في هذه الأمور الستة فقط، ودليلهم قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥]، وأن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - بَيَّن لنا الأمور التي يحصل فيها الربا؛ فذكر هذه الأمور الستة، ونحن لو زدنا عليها، فسنخالف كتاب اللّه في قوله عز وجل: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ}، فهذه الأمور الخارجة عن الستة مباحة؛ لأنه لم يَرِدْ دليلٌ بتحريمها.

وردَّ عليهم جمهور العلماء بجزءٍ من الآية، حيث قالوا: إن اللّه عز وجل قال: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}، ولم يقيد سبحانه وتعالى الربا بهذه الأمور الستة، وبالرجوع لمعنى الربا وهو الزيادة (١)، نقول: إذا وُجِدَتِ الزيادة في أصنافٍ أخرى تلتقي مع هذه الستة في العلة، فستأخذ نفس حكمها بأنها ربا.

قوله: (وَقَالَ هَؤُلَاءِ أَيْضًا: إِنَّ النَّسَاءَ مُمْتَنِعٌ فِي هَذِهِ السِّتَّةِ فَقَطْ، اتَّفَقَتِ الْأَصْنَافُ أَوِ اخْتَلَفَتْ، وَهَذَا أَمْرٌ مُتَّفَق عَلَيْهِ (أَعْنِي: امْتِنَاعَ النَّسَاءِ فِيهَا مَعَ اخْتِلَافِ الْأَصْنَافِ) إِلَّا مَا حُكِيَ عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا اخْتَلَفَ الصِّنْفَانِ، جَازَ التَّفَاضُلُ وَالنَّسِيئَةُ مَا عَدَا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ).

هذا قولٌ مردودٌ عليه؛ لأن الأدلة الصريحة الصحيحة تردُّه.

قوله: (فَهَؤُلَاءِ جَعَلُوا النَّهْيَ الْمُتَعَلِّقَ بِأَعْيَان هَذِهِ السِّتَّةِ مِنْ بَابِ الْخَاصِّ أُرِيدَ بِهِ الْخَاصّ، وَأَمَّا الْجُمْهُورُ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ، فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَاصِّ أُرِيدَ بِهِ الْعَامُّ).

فقولهم بأن هذا خاصٌّ أريد به الخصوص، معناه أن العلةَ قاصرةٌ،


(١) "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير (٢/ ١٩٢) قال: الرّبَا مَقْصُور، وَهُوَ فِي الشَّرع: الزِّيادةُ عَلَى أصْل المَالِ مِنْ غَيْرِ عَقْد تبايُع.

<<  <  ج: ص:  >  >>