للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْله: (وَرَوَى مَالِكٌ (١) عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ: أَنَّهُ كَانَ يَعْتَبِرُ فِي عِلَّةِ الرِّبَا فِي هَذه الأَصْنَافِ الكَيْلَ وَالطُّعْمَ، وَهُوَ مَعْنًى جَيِّدٌ؛ لِكَوْنِ الطُّعْمِ ضَرُورِيًّا فِي أَقْوَاتِ النَّاسِ، فَإِنَّهُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ حِفْظُ العَيْنِ وَحِفْظُ السَّرَفِ فِيمَا هُوَ قُوتٌ أَهَمَّ مِنْهُ فِيمَا لَيْسَ هُوَ قُوتًا).

هذَا الكلام الذي ذكَره المؤلف فيه ضعفٌ، وقد مر بنا أنه لم يقل أَحدٌ من العلماء الذين سبق ذكرهم أن تكون العلَّة إلى جانب الكيل: الطُّعم أيضًا، إنما قالوا: الكيل، أو قالوا: الطُّعم، أو قالوا: الطُّعم والادخار.

وهذا القول قال به سعيد بن المسيب، وهي أيضًا روايةٌ للإمام أحمد (٢)، وهذا القول لا يَرِدُ عليه إشكالٌ؛ لأنه جَمَع كلَّ الصفات والعلل.

وقوله: [حِفْظُ العَيْنِ]، يعني: حفظها من أن يرد عليها الغبن.

وقوله: [فِيمَا هُوَ قُوت أَهَمَّ مِنْهُ فِيمَا لَيْسَ هُوَ قُوتًا]، المراد منه أن التشدُّد والعنَاية يجب أن تكون في الأقوات، لأن الناس يَتغذَّون منها، وأهميتها بالنسبة لغيرها ظاهرةٌ.

قوله: (وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ أَنَّهُ اعْتَبَرَ فِي الرِّبَا الأَجْنَاسَ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاة، وَعَنْ بَعْضِهِمُ الانْتِفَاعَ مُطْلَقًا (أَعْنِي: المَالِيَّةَ)، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ المَاجِشُونِ).

المقصود هو الإمام ربيعة، وهو يُعْرف بـ "ربيعة الرأي"، وهو شيخ الإمام مالكٍ رحمه الله (٣).


(١) "الموطأ" (٢/ ٦٣٥) حديث (٣٧).
(٢) "الكافي "لابن قدامة (٢/ ٣٢) قال: "والرواية الثالثة: العلة كونه مطعوم جنس؛ مكيلًا أو موزونًا".
(٣) "الفروق" للقرافي (٣/ ٢٦٠) قال: "وقال ربيعة - رضي الله عنه -: الضابط لربا الفضل أن يكون مما تجب فيه الزكاة، فلا يباع بعيرٌ ببعيرٍ".

<<  <  ج: ص:  >  >>