للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشيءٍ يكون فيه خلاف؛ سواء في الحجم أو اللون، أو هذا قديمٌ وهذا جديدٌ، فليس ذلك من باب الإسراف.

قوله: (وَأَيْضًا، فَإِنَّ مَنْعَ التَّفَاضُلِ فِي هَذه الأَشْيَاءِ يُوجِبُ أَلَّا يَقَعَ فِيهَا تَعَامُلٌ، لِكَوْن مَنَافِعِهَا غَيْرَ مُخْتَلِفَةٍ).

المؤلف يعبر أحيانًا بكلمة [يوجب]، ويقصد بها أنه "ينبغي"، وقد مرَّ بنا هذا المصطلح في عدَّة مواضعَ كما في أحكام الصلاة.

قوله: (وَالتَّعَامُلُ إِنَّمَا يُضْطَرُّ إِلَيْهِ فِي المَنَافِعِ المُخْتَلِفَةِ، فَإِذَنْ مَنَعَ التَّفَاضُلَ فِي هَذه الأَشْيَاءِ (أَعْنِي المَكِيلَةَ، وَالمَوْزُونَةَ) عِلَّتَان:

إِحْدَاهُمَا: وُجُودُ العَدْلِ فِيهَا.

وَالثَّانِيَةُ: مَنْعُ المُعَامَلَةِ إِذَا كَانَتِ المُعَامَلَةُ بِهَا مِنْ بَابِ السَّرَفِ.

وَأَمَّا الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ فَعِلَّةُ المَنْعِ فِيهَا أَظْهَرُ إِذْ كَانَتْ هَذه لَيْسَ المَقْصُودُ مِنْهَا الرِّبْح، وَإِنَّمَا المَقْصُودُ بِهَا تَقْدِيرُ الأَشْيَاءِ الَّتِي لَهَا مَنَافِعُ ضَرُورِيَّةٌ).

والإنسان الذي يبيع دينارًا بدِينَارٍ، ودرهمًا بدِرْهمٍ ليس هناك ربحٌ يربحه، لكن هذه هي أصول الأشياء.

وأما لو باعها بأكثرَ، يكون مقصوده الربح كما في قصة القِلَادَة التي جاءت في "صحيح مسلم" (١)، والتي اعترض الرسول - صلى الله عليه وسلم - على بيعها لوجود التفاضل، فالقِلَادة يوجد بها أكثر من الذهب الذي اشتريت به، إلى جانب الصَّنعة، فلذلك أنكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقال: "حَتَّى تُفْصَلَ"، يعني: يُميَّز ما فيها من الذهب من غيره.


(١) أخرجها مسلم (١٥٩١) من حديث فضالة بن عبيد الأنصاري - رضي الله عنه - قال: أُتِيَ رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - وهو بخيبر بقلادة فيها خرز وذهب، وهي من المغانم تباع، فأمر رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده، ثم قال لهم رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "الذهب بالذهب وزنًا بوزنٍ".

<<  <  ج: ص:  >  >>