للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَأَمَّا الأَشْيَاءُ المَكِيلَةُ وَالمَوْزُونَةُ: فَلَمَّا كَانَتْ لَيْسَتْ تَخْتَلِفُ كُلَّ الاخْتِلَافِ، وَكَانَتْ مَنَافِعُهَا مُتَقَارِبَةً، لَمْ تَكُنْ حَاجَةً ضَرُورِيَّةً لِمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا صِنْفٌ أَنْ يَسْتبْدِلَهُ بِذَلِكَ الصِّنْفِ بِعَيْنِهِ).

هو حقيقةٌ كما ذكر المؤلف؛ فإذا باع أحدهم تمرًا بتمرٍ وبينهما اختلافٌ، فإنه يختلف ربما من حيث الحجم، فيكون هذا كبيرًا، وهذا متوسطًا، لكن الصاع يتدارك ذلك؛ لأنه سيأخذ عددًا أكثر مقابل هذا الحجم الأكبر، ولمَّا تزنه ستجد أن الوزن هنا هو نفس الوزن هناك.

وأهل العلم قَسَّموا الأمور إلى أقسامٍ ثلاثةٍ (١):

١ - ضروريَّات: كالماء والأكل اللذين لا يَسْتغني عنهما الإنسان.

٢ - الحاجيات: كاللباس.

٣ - الكماليات: وهي التي تزيد عن الحاجات، أيْ: التي لو طرحتها لاسْتَغنيت عنها.

قوله: (إِلَّا عَلَى جِهَةِ السَّرَفِ؛ كَانَ العَدْلُ فِي هَذَا إِنَّمَا هُوَ بِوُجُودِ التَّسَاوِي فِي الكَيْلِ أَوِ الوَزْنِ، إِذْ كَانَتْ لَا تَتَفَاوَتُ فِي المَنَافِعِ).

المؤلف ضَرب للإسراف مثلًا، هو أن أَحَدهم مثلًا عنده نوعٌ من التمر، والآخر عنده نوعٌ آخر، فأراد هذا من تمر ذاك، ونحن نخالفه، فربما أَحدُهُما يميل إلى أن تكون الحبة أكبر مثلًا، والآخر يفضل المتوسطة، فالناس يختلفون في طبائعهم ورغباتهم، وليسَ شرطًا أن يكون هذا مساويًا لذاك.

أما لو كان شخصان اشتريا نفس الحبة وتقاسما، فهَذَا ما قصده المؤلف أنه من باب الإسراف، لكن في الغالب عندما يريد إنسان شيئًا


(١) وهو ما يعبرون عنه بالمقاصد الكليات. "الموافقات" للشاطبي (١/ ١٩) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>