للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَلذَلِكَ، لَمَّا عَسُرَ إِدْرَاكُ التَّسَاوِي فِي الأشْيَاءِ المُخْتَلِفَةِ الذَّوَاتِ، جُعِلَ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ لِتَقْوِيمِهَا (أَعْنِي: تَقْدِيرَهَا)).

لأنه - كما مضى - هي قيَم المتلفات ورُؤُوس الأموال، ففي أيِّ قضيَّة يحصل فيها الخلاف، يرجع إلى تقويم ذلك الشيء أو السِّلعة بأحد النقدين، فيُعْرف ما قد طرأ عليه من نقصٍ أو زيادةٍ، أو عندما يزول ينظر إلى مثيله، ويعرف قيمته.

قوله: (وَلَمَّا كَانَتِ الأَشْيَاءُ المُخْتَلِفَةُ الذَّوَاتِ (أَعْنِي: غَيْرَ المَوْزُونَةِ وَالمَكِيلَةِ) العَدْلُ فِيهَا إِنَّمَا هُوَ فِي وُجُودِ النِّسْبَةِ (أَعْنِي: أَنْ تَكُونَ نِسْبَةُ قِيمَةِ أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ إِلَى جِنْسِهِ نِسْبَةَ قِيمَةِ الشَّيءِ الآخَرِ إِلَى جِنْسِهِ، مِثَالُ ذَلِكَ: أَنَّ العَدْلَ إِذَا بَاعَ إِنْسَانٌ فَرَسًا بِثِيَابِ هوَ أَنْ تَكونَ نِسْبَة قِيمَةِ ذَلِكَ الفَرَسِ إِلَى الأفْرَاسِ هِيَ نِسْبَةُ قِيمَةِ ذَلَكَ الثَّوْبِ إِلَى الثِّيَابِ).

هذا حيوانٌ، وهذا ثوبٌ، ومعلومٌ أن الفرس أكثر قيمةً من الثوب، وربما يوجد في هذا العصر من الثِّياب ما يصل ثمنه إلى ثمن الفرس أو أكثر، ولكن المقصود هي الثِّياب المعتادة، والمراد أنه لا بد أن يُنْسَب كلٌّ منهما بما يماثله حتى يعرف مقداره.

قوله: (فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الفَرَسُ قِيمَتهُ خَمْسُونَ، فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الثِّيَابُ قِيمَتُهَا خَمْسُونَ، فَلْيَكُنْ مَثَلًا الَّذِي يُسَاوِي هَذَا القَدْرَ عَدَدُهَا هُوَ عَشَرَةُ أَثْوَابٍ، فَإذًا اخْتِلَافُ هَذِهِ المَبِيعَاتِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ فِي العَدَدِ وَاجِبَةٌ فِي المُعَامَلَةِ العَدَالَة، (أَعْنِي: أَنْ يَكُونَ عَدِيلُ فَرَسٍ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ فِي المِثْلِ)).

يعني: الاختلاف في العدد هنا واجبٌ في المعاملة لأجل إقامة العدل.

<<  <  ج: ص:  >  >>