للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن العلماء نقدوا هذا من حيث السند والحجة لهم (١).

قوله: (هَذَا نَصٌّ لَوْ صَحَّتِ الأَحَادِيث، وَلَكِنْ إِذَا تُؤُمِّلَ الأَمْرُ مِنْ طَرِيقِ المَعْنَى ظَهَرَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ عِلَّتَهُمْ أَوْلَى العِلَلِ).

وهذا هو الصحيح، يعني أن المؤلف هنا ليس لديه دليلٌ قطعيٌّ للقول بأن الحق في مذهب الحنفية، لكنه يقول: إذا نظرنا إلى المعاني التي تدور حولها العلل، وجدنا أن مذهبَ الحنفية أقربُ للصواب.

قوله: (وَذَلِكَ أَنَّهُ يَظْهَرُ مِنَ الشَّرْعِ أَنَّ المَقْصُودَ بِتَحْرِيمِ الرِّبَا إِنَّمَا هُوَ لِمَكَان الغَبْنِ الكَثِيرِ الَّذِي فِيهِ).

أي: أننا لو نُدقِّق ونُركِّز في الآيات التي حرم اللّه - تبارك وتعالى - فيها الربا، نجد أنه فيه استغلال طرفٍ لطرفٍ آخر، وهذا الذي يستغل إنما يأخذ حق أخيه المسلم، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُه، وَمَالُه، وَعِرْضُهُ" (٢).

إذًا، هذا هو مقصد الشريعة، ولا شك أن الربا فيه غبنٌ، والغبن إنما هو الزيادة، والزيادة إنما تعدُّ لطرفٍ على حساب طرفٍ آخر.

وقيد الغبن بالكثير؛ لأنه في الحقيقة قد يوجد شيءٌ يسيرٌ منه، والشريعة الإسلامية تخفف في الجهالة اليسيرة فيما يحصل من غبنٍ يسيرٍ كما سنجد ذلك في كثيرٍ من الأمثلة.

قوله: (وَأَنَّ العَدْلَ فِي المُعَامَلَاتِ إِنَّمَا هُوَ مُقَارَبَةُ التَّسَاوِي).

يعني: سدِّدوا وقاربوا.


(١) أطنب ابن حزم في "المحلى" (٨/ ٤٨٠، ٤٨١) في تعليل هذا الحديث إسنادًا ومعنى.
(٢) أخرجه مسلم (٢٥٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>