للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَأَمَّا فِي غَيْرِ الرِّبَوِيَّاتِ مِمَّا لَيْسَ بِمَطْعُومٍ، فَإِنَّ عِلَّةَ مَنْعِ النَّسِيئَةِ فِيهِ عِنْدَ مَالِكٍ هُوَ الصِّنْفُ الوَاحِدُ المُتَّفِقُ المَنَافِعِ مَعَ التَّفَاضُلِ).

هو الصِّنف الواحد كما عرفنا، كقولنا مثلًا: برٌّ مع برٍّ، و [المُتَّفق المنافع] أيْ: تتحد منافعه، ومختلف المنافع كأن تكون هذه الناقة حلوبًا، وهذه ركوبًا، أو سلعة فائدتها كذا، وهذه فائدتها كذا، فعندما تختلف هذه الأغراض، لا يحصل الربا عند مالكٍ (١)، لكن إذا اتحدت المنافع، واتحد الصنف، وجد الربا حينئذٍ.

قوله: (وَلَيْسَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ (٢) نَسِيئَةٌ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيَّاتِ).

هنا لفظ مقدر، وقد رأيت بعض المعلقين خطَّأ المؤلف، وليس ثَمَّ خطأ هنا، بل فيه تقدير، وليس المراد أنَّ الصنف الواحد عند الشافعي نسيئة؛ لأن الشافعي إنما يرى الصنف الواحد علة في ربا الفضل فقط، وليس معتبرًا في ربا النسيئة، فالعلة في ربا النسيئة إنما هي الطُّعم، فلينتبه لذلك، وأحمد يوافقه في هذا في رواية (٣)، وأبو حنيفة ومعه أحمد بالنسبة للكيل (٤)، ولذلك سيأتي رأيهما في مسائل بيع الحيوان بالحيوان.

قَوْله: (وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ، فَعِلَّةُ مَنْعِ النَّسَاءِ عِنْدَهُ هُوَ الكَيْلُ فِي الرِّبَوِيَّاتِ وَفي غَيْرِ الرِّبَوِيَّاتِ الصِّنْفُ الوَاحِدُ؛ مُتَفَاضِلًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُتَفَاضِلٍ).


(١) "الشرح الكبير وحاشية الدسوقي" للدردير (٣/ ٤٧، ٤٨) قال: "وعلس … وأرز ودخن وذرة وهى (أي: الأربعة المذكورة أجناس) يجوز التفاضل بينها مناجزة".
(٢) "فتح الوهاب" (١/ ١٩١) قال: "خرج بمختلفة الجنس متحدته كأدقة أنواع البر، فهي جنس واحد".
(٣) يُنظر: "الإنصاف" للمرداوي (٥/ ٤٢، ٤٣) قال: "وما لا يدخله ربا الفضل كالثياب والحيوان يجوز النَّسَاء فيهما".
(٤) "مختصر القدوري" (ص ٨٧) قال: "الربا محرم، كل مكيل أو موزون إذا بيع بجنسه متفاضلًا، فالعلة فيه الكيل مع الجنس". وينظر: "الإنصاف" للمرداوي (٥/ ١١) قال: "ربا الفضل، فيحرم في الجنس الواحد، من كل مكيل أو موزون".

<<  <  ج: ص:  >  >>