للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفرق بين أبي حنيفة وبين مَالِكٍ أنهما اتحدا في الصنف الواحد، لكن مالكًا قيده بالمنافع (١)، وأبو حنيفة أطلقه؛ سواء اتحدت المنافع أو اختلفت، فالعلة قائمة (٢).

ملاحظة: قد قلت وأكرر أن الكتاب في موضوعاته هذه بمثابة متنٍ، نقرؤه ونشرحه؛ لأن المؤلف تعمق فيه، ودقق في المسائل ولم يبسطها بسطًا بحيث تكون واضحةً.

وإذَا عرفنا أن الصنف لا اعتبارَ له عند الإمام الشافعي في ربا النسيئة، فينبغي أن نفهم؛ لأنه سيتكرر، وأنه بالنسبة للإمام مالكٍ يعتبر الصنف، لكنه يقيده بالمنافع، وأبو حنيفة يلتقي مع الإمام مالكٍ في اعتبار الصنف الواحد لكنه يطلقه؛ فلا اعتبار للمنافع عنده.

ومثاله: بيع حيوانٍ بحيوانٍ لا يجوز عند أبي حنيفة مطلقًا (٣)، وعند مالكٍ إذا اختلفت المنفعة كأن يكون هذا حيوانًا يُرْكب وهذا يُحْلب؛ هذا حينئذٍ يجوز عند مالكٍ لاختلاف المنفعة، لكن شاة حلوب بشاةٍ حلوب لا يجوز عنده (٤)، وعند أبي حنيفة اتحدت المنافع أو اختلفت، فكل ذلكً لا يجوز.

قوله: (وَقَدْ يَظْهَرُ مِنَ ابْنِ القَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَمْنَعُ النَّسِيئَةَ فِي هَذِهِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ مِنْ بَابِ السَّلَفِ الَّذِي يَجُرُّ مَنْفَعَةً).


(١) "الشرح الكبير وحاشية الدسوقي" للدردير (٣/ ٤٧، ٤٨) قال: "حب … وشعير وسلت … وهي … جنس واحد على المعتمد لتقارب منفعتها".
(٢) "الهداية في شرح البداية" للمرغيناني (٣/ ٦١) قال: "والطعم والثمنية من أعظم وجوه المنافع، والسبيل في مثلها الإطلاق بأبلغ الوجوه لشدة الاحتياج إليها دون التضييق فيه".
(٣) يُنظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (٦/ ١٣٩) قال: "واستدل بعضهم لمذهبنا بنهيه عليه السلام عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئةً".
(٤) "الشرح الكبير وحاشية الدسوقي" للدردير (٣/ ٤٩) قال: "وأما بيع الشاة الحية بشاة أخرى حية، فيجوز من غير استثناء، وأما بيع الحية بالمذبوحة فهو بيع اللحم بالحيوان".

<<  <  ج: ص:  >  >>