للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني: يميل إلى رأي أبي حنيفة، إذًا فالأقوال هنا ثلاثةٌ:

الأول: مَنْ يعتبر الطُّعم وحده ولا اعتبار للصنف.

الثاني: مَنْ يعتبر إلى جانب الطُّعم الصنف الواحد، لكنه يقيده باتحاد المنافع وهو مالكٌ.

الثالث: مَنْ يعتبر الصنف الواحد إلى جانب الكيل، لكنه يطلقه، والأمثلة ستوضح أكثر، وكذلك الأدلة.

والسلف المراد به القرض، والأصل فيه القرض الحسن الذي لا يجر نفعًا (١)، قال اللّه تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة: ٢٤٥]، فما أجمل أن يرق المؤمن لأخيه المسلم، وأن يشفق على حاله، وأن يعطف عليه، ويرفع كربته فيَسُد حاجته، فإنه مَنْ يسَّر على معسرٍ، يسَّر اللّه عليه في الدنيا والآخرة، وأن مَنْ فرج عن مسلم كربةً من كرب الدنيا، فرج اللّه عنه بها كربةً من كرب يوم القيامة (٢)، وما أعظم أن يخفف اللّه عنك في ذلك اليوم الذي أحوج ما تكون إليه إلى أن يتجاوز اللّه سبحانه وتعالى عن سيئاتك، وأن يغفر زلاتك.

وربما يقول الكثير من الناس: قد تغيرت الأحوال وتبدلت، يقولون: فسد الزمان، وهم الذين فسدوا، والحمد للّه ما زال أهل الخير موجودين ممن يخففون على المعسرين، ويساعدون المعوزين والمحتاجين، لا يرجون الجزاء إلا من الرحمن الرحيم الذي لا يضيع أجر مَنْ أحسن عملًا.


(١) "النهاية" لابن الأثير (٢/ ٣٩٠) قال: السلف، وهو في المعاملات على وجهين: أحدهما القرض.
(٢) معنى حديث أخرجه مسلم (٢٥٨٠) ولفظه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، مَنْ كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومَنْ فرَّج عن مسلم كربةً، فرَّج الله عنه بها كربةً من كُرَب يوم القيامة، ومَنْ ستر مسلمًا، ستره الله يوم القيامة".

<<  <  ج: ص:  >  >>