للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسلف إذا جر نفعًا، فهو الذي يُعْرف عند الفقهاء بالقرض الذي جر نفعًا (١)، ومثاله: أن تذهب إلى إنسانٍ فتقرضه مالًا، وتشترط عليه منفعةً ما؛ كأن تقول له: أسلف لك على أن تعطيني السيارة لمدة أسبوع، أو أن أسكن بيتك، أو أن تقدم لي الخدمة الفلانية، أو نحو ذلك، وهذا قرضٌ جرَّ نفعًا، فلا يجوز (٢).

وينبغي إذا أقرض المسلم لأخيه أن يكون ذلك خالصًا لوجه اللّه تبارك وتعالى، ومَنْ يخفف عن المحتاجين ويعينهم، فإن اللّه سبحانه وتعالى سيعينه في يومٍ أحوج ما يكون فيه إلى الحسنة الواحدة.

قوله: (الفَصْلُ الثَّالِثُ فِي مَعْرِفَةِ مَا يَجُوزُ فِيهِ الأَمْرَانِ جَمِيعًا).

سبق وذكرنا ما يجوز فيه التفاضل، كما جاء في حديث عبادة: "فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذه الأصْنَاف، فَبِيعُوا كيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كانَ يَدًا بِيَدٍ" (٣).

وقوله: [يدًا بيدٍ]، إشارةً إلى ربا النسيئة.

وفي هذا الفصل الكلام عما يجوز فيه الأمران، أي: تفاضل ونسيئة، كأن تبيع شاةً بشاتين وإلى أجلٍ، لكن أصل هذا المبيع ليس من الأموال الربوية التي نص عليها الشارع، وبعض العلماء يلحقها بالأموال الربوية كما


(١) "الشرح الكبير، وحاشية الدسوقي" للدردير (٣/ ٥١)، قال: " (قوله: أنه لا يدخل بينهما سلف جر منفعة) أي: حينئذٍ، فيجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلًا ومناجزةً أو لأجلٍ، أما الأول: فلأنهما جنسان، وأما الثاني: فلأنه ليس بطعام حتى يدخله ربا النساء، وحيث كانا جنسين كان ذلك سلمًا. (قوله: بخلاف الجنس الواحد) أي: فإنه يجوز بيع بعضه ببعضٍ، ولو متفاضلًا إذا كان يدًا بيدٍ، ولا يجوز متفاضلًا إذا كان لأجل؛ لأن سلم الشيء في نفسه سلفٌ جرَّ نفعًا، وهو واضحٌ إن كان المعجل إنما هو القليل، وأما إن كان المعجل الكثير فظاهر المدونة منعه".
(٢) "الإشراف" لابن المنذر (٦/ ١٤٢) قال: "أجمعوا على أن السلف إذا شرط عقد السلف هديةً أو زيادة، فأسلفه على ذلك، أن أخذه الزيادة على ذلك ربا".
(٣) أخرجه مسلم (١٥٨٧/ ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>