للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من قال: ما تحت الإزار محمول على الجواز، وما فوقه محمول على الاستحباب.

وهناك مِنَ العلماء مَنْ سَلَك مسلكًا وسطًا في هذه المسألة، فقالوا: ثبت من قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - جَوَاز الاستمتاع بالحائض مطلقًا، وذَلكَ؛ لأنَّ اللّهَ -سبحانه وتعالى- قال: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}.

فاعتزال النساء في المحيض لا يخلو من أمرين:

الأمر الأول: إما أن يُرَاد به اعتزال النساء مطلقًا، وهذا خلاف الإجمَاع؛ فالإجماعُ قائم على أنه ليسَ المراد بالاعتزال هنا اعتزال الحائض مطلقًا.

وَعَليه: فالمُرَادُ باعتزال الحائض ما يمنع من الوقوع فيه، ألا وهو الفرج، فخصُّوا ذلك به.

فهؤلاء الذين ذهبوا مذهبًا وسطًا قالوا: قد أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالاتزار، وهذا دليل على أن الاستمتاع فوق الإزار بدليل فِعْلِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وقَدْ ثبت ذلك من قوله - صلى الله عليه وسلم - أيضًا، حيث قال: "اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ بِالحَائِضِ إِلَّا النِّكَاح" (١).

وينبغي في هذا المقام: أن نجمعَ بين أقوال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله، وَالجَمْعُ بَيْن قوله وفعله يدلُّ على أن ما فوق الإزار مستحبٌّ، وأن ما تحت الإزار جائز.

ثمَّ يختلف العلماء بعد ذلك:

هَل الاستمتاع بالحائض لو كان عليها إزار يختلف حكمه لو كان أسفل ذلك دم، أو لا؟


(١) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>