للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمِنَ العُلَماء: مَنْ منع الاستمتاع بما بين السرة والركبة من الحائض (١)، أمَّا مَا عدَا ذلك، فهو جائزٌ بإجماعٍ فوق الإزار.

ومنهم من قال: يجتنب الإنسان موضع الدم؛ وهو الفرج (٢)، وأمَّا ما عدَا ذلك، فله أن يستمتعَ بها.

والقول الأول: هو قول الجمهور.

والقول الثاني: هو قول جَمْع من التابعين والحنابلة، وهو أيضًا تخريجٌ في مذهب الشافعية، وقَدْ أخذ به عددٌ من كبار علماء الشافعية، وَمَالوا إليه (٣).

والحقيقة: أن فيه جمعًا بين الأدلة، فهو الأقرب إلى الصواب أيضًا، واللهُ أعلم.

فأصل الخلاف يدور حول قول اللّه -سبحانه وتعالى-: {قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ} [البقرة: ٢٢٢]، فَاخْتَلفوا في المراد بالاعتزال في قوله: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}:

(١) هل المراد به الابتعاد عن النساء مطلقًا؟

(٢) أو أن المراد ما يمنع من فعلِهِ، وهو الفرج؟ وهو الذي فسر به أصحاب القول الثاني، وقَدْ ذكرنا أن سبب نزول الآية يؤيد مذهب الذين قالوا بجواز الاستمتاع فوق الإزار وتحته، وأنَّ الذين قالوا بمنع ذلك فإن الأدلة حقيقةً -وإن كانت صحيحةً- ليس فيها أن ما تحت الإزار لا


(١) وهُمُ الجمهور، وقَدْ تقدم نقل أقوالهم في هذه المسألة.
(٢) وهم الثوري وداود، وقول لأحمد، وقد تقدم نقل أقوالهم في هذه المسألة.
(٣) يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١/ ٣٨٤، ٣٨٥) حيث قال: "الاستمتاع بما دون الإزار، وَهُوَ ما بين السُّرة والرُّكبهَ إذا عدل عن الفرج، فَقد اختلف فيه أصحابنا على ثلاثة أوجه … والوجه الثاني: أنه مُبَاحٌ، وَبه قال من أصحابنا أبو علي ابن خيران، وأبو إسحاق … والوجه الثالث: وهو قول أبي الفياض: إنه إنْ كان يضبط نفسه عن إصابة الفرج؛ إما لضَعْف شهوته، أو لفوة تخرجه، جاز أن يستمتع بما بين السُّرَّة والركبة، وإن لم يضبط نفسه عن ذلك لقوة شهوتِهِ، وقلة تخرجه، لم يجز".

<<  <  ج: ص:  >  >>