للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوز، فقد كانت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- تقول: "كَانَتْ إحدانا إذا كانت حائضًا، فأرَاد رسولُ اللّه - صلى الله عليه وسلم - أن يباشرها، كان يأمرها أن تتزر، ثم يباشرها" (١)، فقَدْ بيَّنت السبب في ذلك.

وقد ورد في بعض الروايات قولها -رضي الله عنها-: "وأيُّكم يملك إربَه (٢)؛ كما كَانَ يملك رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - إربه؟! " (٣).

ولذا، قال بعض العلماء: إن سبب المنع في الاستمتاع تحت الإزار إنما هو خشية وقوع الإنسان في الحرام، فمنع من ذلك حتى لا يقع فيه، قالوا: "فمَنْ حام حول الحمى يوشك أن يخالطه"، وقد جاء في الحديث الصحيح: "كالراعي يرعى حول الحمى؛ يوشك أن يرتع (٤) فيه" (٥).

ولذا، وَجَدنا من العلماء من قال: من كان واثقًا من نفسه بأن كان عنده من الورع الشديد ما يَحُولُ بينه وبين الوقوع في المحرم، أو كان ضعيف الشهوة، مطمئنًّا واثقًا ألا يقع في المحرم، يستطيع أن يتصرَّف في شهوته، وأن يملك نَفْسَه في ذلك المقام، فذلك جائزٌ.

فمن نفس المذاهب التي منع أصحابها ذلك: نجد أن بعضهم ينص على الجواز في هذه الحالة … هذا باختصار ما يدور في هذه المسألة


(١) تقدم تخريجه.
(٢) "الإرب": العضو. وقيل: الحاجة. انظر: "مجمل اللغة" لابن فارس (ص ٩٣).
(٣) أخرجه البخاري (٣٠٢)، ومسلم (٢٩٣/ ٢).
(٤) "رتع": رتعَ يرتعُ، إذا أكل ما شاء، ولا يكون ذلك إلا في الخصب. انظر: "مجمل اللغة" لابن فارس (ص ٤١٨).
(٥) جزء من حديث أخرجه البخاري (٥٢)، ومسلم (١٥٩٩/ ١٠٧)، عن النعمان بن بشير، قال: سَمعتُ رَسُولَ اللّه - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الحَلالُ بَيِّنٌ، والحَرام بَيِّنٌ، وبينهما مشبهاتٌ لا يعلمها كثيرٌ من الناس، فَمَن اتَّقى المشبهات، استبرأ لدينه وعرضه، ومَنْ وقَع في الشبهات كراع يَرْعى حول الحمى، يوشك أن يواقعه، ألا وإنَّ لكل ملك حمى، ألا إن حمى الله في أرضه محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب".

<<  <  ج: ص:  >  >>