للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقررون هذا الحكم من باب سد الذرائع (١)، فيرد عليهم - لكن بأدبٍ - يقول: ما المانع أن يكون بيع الحيوان بالحيوان مسألةً مستقلةً، وهذا ما سيأتي حقيقةً في مسألة حكم بيع الحيوان بلحمةٍ وغيرها.

قوله: (وَاخْتَلَفُوا فِيمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ نَسَاءً، هَلْ مِنْ شَرْطِهِ التَّقَابُضُ فِي المَجْلِسِ قَبْلَ الافْتِرَاقِ فِي سَائِرِ الرِّبَوِيَّاتِ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ فِي اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِي المُصَارَفَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "لَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ" (٢)(فَمَنْ شَرَطَ فِيهَا التَّقَابُضَ فِي المَجْلِسِ، شَبَّهَهَا بِالصَّرْفِ، وَمَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ قَالَ: إِنَّ القَبْضَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ لَيْسَ شَرْطًا فِي البُيُوعِ إِلَّا مَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ، وَلَمَّا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى الصَّرْفِ فَقَطْ، بَقِيَتْ سَائِرُ الرِّبَوِيَّاتِ عَلَى الأَصْلِ) (٣).

هذا لا شك أنه لا خلاف فيه فيما يتعلق بالصرف أي: بالنقدين، وهو أمرٌ مجمعٌ عليه عند العلماء.


(١) "المعونة" للقاضي عبد الوهاب (ص ٩٩٦) قال: "ونهيه - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، وهذه المسألة من الذرائع، وهي ممنوعة عندنا".
(٢) أخرجه البخاري (٢١٧٧)، ومسلم (١٥٨٤/ ٧٥).
(٣) "مختصر القدوري" (ص ٨٧) قال: "عقد الصرف: بما وقع على جنس الأثمان يعتبر فيه قبض عوضيه في المجلس وما سواه مما فيه الربا يعتبر فيه التعيين، ولا يعتبر فيه التقابض".
ويُنظر: "الفروق ومعه تهذيب الفروق" للقرافي (٤/ ٣٠٢) قال: "من شرط فيها التقابض في المجلس شبهها بالصرف، ومَنْ لم يشترط ذلك قال: إن القبض قبل التفرق ليس شرطًا في البيوع إلا ما قام الدليل عليه، ولما قام الدليل على الصرف فقط بقيت سائر الربويات على الأصل".
ويُنظر:، "الحاوي الكبير" للماوردي (٥/ ٧٧) قال: " … كل شيئين ثبت فيهما الربا بعلة واحدة لم يصح دخول الأجل في العقد عليهما، ولا الافتراق قبل تقابضهما، سواء كانا من جنس واحد كالبُرِّ بالبُرِّ أو من جنسين كالشعير بالبر حتى يتقابضا قبل الافتراق في الصرف وغيره".
ويُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٧١) قال: "في صرفه أي: النقد بفلوسٍ نافقةٍ نصًّا، فيشترط الحلول والقبض إلحاقًا لها بالنقد".

<<  <  ج: ص:  >  >>