للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واشترى جاريةً بسبعة أرؤسٍ (١)، والجارلة هي صفية - رضي الله عنها - زوج رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، فقد فَتحَ رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - خيبر عنوةً، وغنم المسلمون حينها سبايا، وكان من بين تلك السبايا صفية، فوقعت في سهم دحية الكلبي، فما كان من بعض الصحابة إلا أنهم أشاروا إلى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - بأن هذه لا تصلح إلا له؛ لأنها ابنة سيد بني النضير (٢)، وهي من قبيلةٍ ذات شرفٍ ومكانةٍ، والرسول - صلى الله عليه وسلم - كان دائمًا يعنى بجبر الخواطر، فما كان من الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا أن اشتراها منه، فكانت لرسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، وقد أعتقها رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، وجعل عِتْقَها صداقها (٣)، وقد مرَّ بنا هذا في كتاب النكاح والعتق، وتكلمنا عنه بالتفصيل.

قوله: (وَعَلَى هَذَا الحَدِيثِ يَكُونُ بَيْعُ الحَيَوَانِ بِالحَيَوَانِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَصْلًا بِنَفْسِهِ لَا مِنْ قِبَلِ سَدِّ ذَرِيعَةٍ).

كأنه ينقد مذهب المالكية من طرفٍ خفيٍّ، وأنا حقيقةً ما يعجبني في ابن رشد أنه صريح في مواقفه، ولا يجامل، ومعنى كلامه أن المالكية


(١) أخرجه مسلم (١٣٦٥/ ٨٧) وغيره من حديث - رضي الله عنه - قال: كنت ردف أبي طلحة يوم خيبر، وقدمي تمسُّ قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فأتيناهم حين بزغت الشمس وقد أخرجوا مواشيهم، وخرجوا بفئوسهم، ومكاتلهم، ومرورهم، فقالوا: محمد والخميس، قال: وقال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "خربَتْ خيبر، إنَّا إذا نزلنا بساحة قومٍ {فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ} [الصافات: ١٧٧] "، قال: وهزمهم الله عز وجل، ووقعت في سهم دحية جاريةٌ جميلة، فاشتراها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبعة أرؤس … الحديث.
(٢) أخرجه البخاري (٣٧١) وغيره من حديث أنسٍ - رضي الله عنه - وفيه: فجمع السبي، فجاء دحية الكلبي - رضي الله عنه -، فقال: يا نبي الله، أعطني جاريةً من السبي، قال: "اذهب فخُذْ جاريةً"، فأخذ صفية بنت حيي، فجاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا نبي اللّه، أعطيت دحية صفية بنت حيي، سيدة قريظة والنضير، لا تصلح إلا لك، قال: "ادْعُوه بها"، فجاء بها، فلما نظر إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "خُد جاريةً من السبي غيرها"، قال: فأعتقها النبي - صلى الله عليه وسلم - وتزوجها … الحديث.
(٣) أخرجه البخاري (٥٠٨٦) بلفظ: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعتق صفيةً، وجعل عتقها صداقها".

<<  <  ج: ص:  >  >>