للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وستأتي الرواية التي هي المذهب مع الحنفية (١) والشافعية (٢).

قوله: (وَبِالثَّانِي قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ).

وكذا أحمد، وهي المذهب (يعني: الرواية المشهورة عنه)، ومنه نعتبر القول الثاني، وهو قول الجمهور، وسيتبين أنه الراجح.

قوله: (وَعُمْدَتُهُمَا السَّمَاعُ وَالقِيَاس، أَمَّا السَّمَاع، فَقَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تَبِيعُوا البُرَّ بِالبُرّ، وَالشَّعِيرَ بِالشَّعِيرِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ"، فَجَعَلَهُمَا صِنْفَيْنِ).

هذا الحديث متفقٌ عليه (٣)، وفي حديث عبادة - رضي الله عنه - عند مسلمٍ: "لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَب، وَلَا الوَرِقَ بِالوَرِقِ إِلَّا وَزْنًا بِوَزْنِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ" (٤).

والمؤلف هنا لم يذكر دليل المالكية، وهو حديث معمر بن عبد اللّه، أنه أرسل غلامه بصاع قمحٍ، فقال: بعه، ثم اشتر به شعيرًا، فذهب الغلام، فأخذ صاعًا وزيادة بعض صاع، فلما جاء معمرًا أخبره بذلك، فقال له معمر: لِمَ فعلتَ ذلك؟ انْطَلِقْ فرُدَّه، ولا تأخذن إلا مثلًا بمثلٍ، فإني كنت أسمع رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، يقول: "الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلًا بِمِثْلٍ"، قَالَ: "وكان طعامنا يومئذٍ الشعير"، قيل له: فإنه ليس بمثله. قال: "إني أخاف أن يضارع" (٥)، وهذا الحديث سيأتي الكلام عنه، وهي الرواية التي أشرنا إليها عند الحنابلة، وليست المشهورة.


(١) "بدائع الصنائع" للكاساني (٥/ ١٨٧) قال: "الحنطة كلها على اختلاف أنواعها، وأوصافها، وبلدانها أنها جنسٌ واحدٌ، وكذلك الشعير".
(٢) "مغني المحتاج" للشربيني (٢/ ٣٦٦) قال: "الحنطة والشعير فهما جنسان، واحترز بالخاص عن العام كالحب، فإنه يتناول سائر الحبوب، وبأول دخولهما في الربا عن الأدقة، فإنها اشتركت في اسم خاص".
(٣) الحديث أخرجه مسلم فقط من طريقين؛ الأول (١٥٨٧/ ٨١) من حديث عبادة - رضي الله عنه -.
والثاني (١٥٨٤/ ٨٢) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.
(٤) أخرجه مسلم (١٥٨٤).
(٥) أخرجه مسلم (١٥٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>