للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا نظرت إليها من ناحية الثمن تجد أن الإبل تختلف عن البقر والغنم، وتجد أن الغنم تتصف بالهدوء، وأن الناس يميلون إليها أكثر، وفي تقدير الأسعار تجدها أكثر سعرًا، ثم يليه البقر، ثم لحم الإبل؛ ونحن لا يهمنا هنا الأسعار، وإنَّما يهمنا اتحاد الجنس أو اختلافه.

قوله: (وَمَالِكٌ لَا يُجِيزُهُ)؛ لأن مالكًا وأحمد في الرواية الأخرى يَعْتَبرون ذلك نوعًا واحدًا؛ فلا فرق عندهما بين لحم البقر ولحم الإبل؛ فَإنَّما يَجُوز إذا وُجِدَ التماثل، أمَّا لو استبدلت لحم طيَر بلحم غَنَمٍ؛ لجاز عند المالكية والحنابلة في رواية.

قوله: (وَالشَّافِعِيُّ لَا يُجِيزُ بَيْعَ لَحْمِ الطَّيْرِ بِلَحْمِ الغَنَمِ مُتَفَاضِلًا)، لأنَّ كلَّها عنده جنسٌ، وهذه الرواية الأخرى التي انفرد بها، وهو قول أحمد أيضًا في الرواية الثالثة.

والإمام الشافعيُّ لا يُجيز ذلك؛ فَلَك أن تبيع طيرًا بلحم بقر، ولا أن تبيع سمكًا بلحم؛ لأنها كلها عنده جنس واحد، "فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَجْنَاسُ فَبِيعُوا كيفَ شِئْتُمْ"، فكيف تبيع جنسًا بجنس من مثله مع وجود التفاضل؟! فإذا وُجد التساوي جاز، ولكن إذا وجد التفاضل فلا.

قوله: (وَمَالِكٌ يجِيزُهُ)، أي: أنْ تبيع جنسًا بجنس آخر متفاضلًا؛ لأن هذه جنس وهذه جنس، أمَّا الشافعي فيرى أنَّ كُلَّ هذه اللحوم مع تنوعها واختلافها يجمعها كلمة لحم.

قوله: (وَعُمْدَةُ الشَّافِعِيِّ: قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلًا بِمِثْلٍ") (١) فالشافعية أخذوا بعموم الحديث (٢).


(١) أخرجه مسلم (١٥٩٢).
(٢) يُنظر: "منهاج الطالبين" للنووي (ص ٩٦): حيث قال: "إذا بيع الطعام بالطعام إن =

<<  <  ج: ص:  >  >>