للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الحديث ليس نصًّا في المسألة، وإنَّما الطعام بالطعام من ناحية الطعم، فإن هذه اللحوم لا تدخل تحته، لأنَّ راوي الحديث لمَّا ذكر أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الطعام بالطعام، قال: "وَكَانَ طَعَامُنَا يَوْمَئِذٍ الشَّعِيرَ" (١)، والطعام إذا أطْلق فلا ينصرف إلى اللحم، وإنما ينصرف إلى ما اعتاد الناس، كما قال المالكية: ما كان قوتًا مُدَّخرًا (٢)، فيدخل في ذلك البُرُّ والشعير والذرة.

وهل يدخل اللحم؟ هذا محلُّ خلاف.

قوله: (وَلِأَنَّهَا إِذَا فَارَقَتْهَا الحَيَاةُ، زَالَتِ الصِّفَاتُ الَّتِي كَانَتْ بِهَا تَخْتَلِف، وَيَتَنَاوَلُهَا اسْمُ اللَّحْمِ تَنَاوُلًا وَاحِدًا).

لأنها إذا فارقت الحياة، زال عنها الإثم، فكلها تدخل تحت اللحم، لَكنَّنا لا نسلم هذا، فلو كان بين أيدينا لحم جمل ولحم بقر، فإننا نضيفه إلى أصله، فنقول: هذا لحم بقر، وهذا لحم جمل؛ فنُعرِّفه بالإضافة، فنردُّه إلى أصله كما سيأتي في مسألة بيع الدقيق بالقمح الذي هو أصله، وهذا القول غير مُسلَّم عند الشافعية (٣)؛ لأنهم يقولون: إذا ذبحت أصبح


= كانا جنسًا اشترط الحلول والمماثلة والتقابض قبل التفرق، أو جنسين كحنطة وشعير، جاز التفاضل، واشترط الحلول والتقابض، والطعام ما قصد للطعم اقتياتًا أو تفكهًا أو تداولًا، وأدقه الأصول المختلفة الجنس، وخلوها وأدهانها أجناس واللحوم والألبان".
(١) انظر الحديث السابق.
(٢) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٤٧٣): حيث قال: " (علة) حرمة (طعام الربا)، أي: الطعام المختص بالربا، أي: ربا الفضل يعني: الربا في الطعام (اقتيات) أي: إقامة البينة باستعماله بحيث لا تفسد عند الاقتصار عليه، وفي معنى الاقتيات إصلاح القوت؛ كملح وتابل (وادخار) بألَّا يفسد بتأخيره إلى الأمد المبتغى منه عادة".
(٣) يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٥/ ١٥٤): حيث قال: "لأن الاسم الخاص يجمعها عند حدوث الربا فيها، ولا يكون اختلاف أنواعها دليلًا على اختلاف أجناسها، كما أن الثمرَ كله جنس، وليس اختلاف أنواعه دليلًا على اختلاف أجناسه".

<<  <  ج: ص:  >  >>