للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسمها لحمًا، لكنك حتى تفرق بينها تضيفها إلى الأصل: هذا لحم سمك، هذا لحم غنم، هذا لحم بقر، وهكذا.

قوله: (وَعُمْدَةُ المَالِكِيَّةِ: أَنَّ هَذه أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَحْمُهَا مُخْتَلِفًا. وَالحَنَفِيَّةُ تَعْتَبِرُ الاخْتِلَافَ الَّذِي فِي الجِنْسِ الوَاحِدِ مِنْ هَذه وَتَقُولُ: إِنَّ الاخْتِلَافَ الَّذِي بَيْنَ الأَنْوَاعِ الَّتِي فِي الحَيَوَانِ، (أَعْنِي: فِي الجِنْسِ الوَاحِدِ مِنْهُ) كَأَنَّكَ قُلْتَ: الطَّائِرُ هُوَ وِزَانُ الاخْتِلَافِ الَّذِي بَيْنَ التَّمْرِ وَالبُرِّ وَالشَّعِيرِ (١)).

الحنفية يقولون: هذه الحيوانات تُعَدُّ أجناسًا مختلفةً؛ لأنَّ حديثَ الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - فرَّق بين الذهب والفضة مع أن كلَّ واحدٍ منهما نقدٌ (٢)، ومع ذلك عدَّهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - صنفين، وكذلك البر والشعير، والملح والتمر، فإذا كانت هذه تُعَد أصنافًا، فكذلك أيضًا يجب أن نساويها بها، فنقول: إنها أصناف أيضًا، أي: أجناس مختلفة مع أنها يجمعها كلمة "الطعام".

والإنسان عندما يدقق في الأمر، لا يمكن أن يجعل لحم البعير كلحم الغنم، لا من حيث الطعم، ولَا من حيث الطهي، ولا من حيث الجودة، ولا من حيث طريقة التغذية وغيرها، فهذا يختلف عن هذا، لكن هل وجود هذه الاختلافات تجعلها صنفين أو أنها لا تبعدها، نحن رأينا وجود اتفاق كبير بين البر والشعير، ومع ذلك قلنا إنهما صنفان وليسا صنفًا واحدًا.


(١) يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٥/ ١٨٩): حيث قال: "المعتبر في اتحاد الجنس اتحاد المقصود الخاص لا العام، ألا ترى أن المطعومات كلها في معنى الطعم متحدة، ثم لا يجعل كلها جنسًا واحدًا كالحنطة مع الشعير، ونحو ذلك حتى يجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلًا مع اتحادهما في معنى الطعم، لكن لما كان ذلك معنى عامًّا، لم يوجب اتحاد الجنس كذا هذا".
(٢) هو حديث أبي بكرة الذي أخرجه البخاري (٢١٨٢)، ومسلم (١٥٩٠) قال: "نهى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، عن الفضة بالفضة، والذهب بالذهب إلا سواء بسواء، وأمرنا أن نشتري الفضة بالذهب كيف شئنا، ونشتري الذهب بالفضة كيف شئنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>