للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَبِالجُمْلَةِ، فَكُلُّ طَائِفَةٍ تَدَّعِي أَنَّ وِزَانَ الاخْتِلَافِ الَّذِي بَيْنَ الأَشْيَاءِ المَنْصُوصِ عَلَيْهَا هُوَ الاخْتِلَافُ الَّذِي تَرَاهُ فِي اللَّحْمِ).

إن الميزان الذي تعتمد عليه هو ما تراه بين أنواع اللحوم، وأبو حنيفة - كما ترون - أراد أن يلحقها أو أن يجعل قياس الدقيق في وجود الفارق بينهما، وهو ذلك الفارق الذي مرَّ بين تلك الأطعمة بأن أصبحت أنواعًا.

قوله: (وَالحَنَفِيَّةُ أَقْوَى مِنْ جِهَةِ المَعْنَى، لِأَنَّ تَحْرِيمَ التَّفَاضُلِ إِنَّمَا هُوَ عِنْدَ اتِّفَاقِ المَنْفَعَةِ).

الحنفية أقوى من جهة المعنى، لأنَّ تحريم التفاضل هو عند الْتقَاء الأصناف دون التساوي، فإذا وُجِدَ صنف واحد، وبيع أحدهما بالآخر مع التفاضل، فإن ذلك لا يجوز، إذ تلك أصناف أيضًا.

وكأن المُؤلِّفَ مال إلى مذهب الحنفية، والحق أنَّه هو الظاهر في هذه المسألة، ومذهبهم يلتقي مع روح الشريعة الإسلامية، والربا إنَّما مُنِعَ في الأصل لوجود الظلم الذي يقع على أحد الطرفين، فإذا زال ذلك زالت العلة، ولأن الربا أيضًا يُعين على تفكيك المجتمعات، وبث البغض بين أصناف المجتمع الإسلامي الذي وصفه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأنه كالجسد الواحد (١)، واللّه تعالى وصف المؤمنين بأنهم إخوةٌ؛ فقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠].

قوله: (مَسْأَلَةٌ):

هذه المسألة لها ارتباط بالأخرى، تكلم المؤلف قبل ذلك عما يتعلق


(١) كما في حديث النعمان بن بشير عند مسلم (٢٥٨٦) قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضوٌ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

<<  <  ج: ص:  >  >>