للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحنفية (١) يجيزونه (٢)، ولكلٍّ أدلةٌ يستدل بها.

قوله: (مَعَ وُجُودِ التَّمَاثُلِ فِي القَدْرِ وَالتّنَاجُزِ).

تأمل قوله: [مَعَ وُجُودِ التَّمَاثُلِ]، فَعِلَّةُ ربا الفضل: عدم التماثل، وعلة ربا النسيئة عدم التناجز، أي: عدم حضور أحد المبيعين، لكن العلة الموجودة هنا هي اختلاف الوصف، فقد يحصل التماثل وقت الصفقة، لكن حين يجف الرُّطَب تتغير حاله، وينقص عن التمر المقابل له، فيحصل الفارق، فينتفي التماثل الذي اشترطه الشارع؛ ولذلك منعه جمهور العلماء عدا الأحناف، واستدل الجمهور بحديثٍ خاصٍّ ورد في هذه المسألة، أما الحنفية فقد استدلوا بالعمومات من الكتاب والسُّنَّة مما له علاقة بهذا الباب.

قوله: (فَإِنَّ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى مَالِكٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رضي الله عنه -).

هذا الحديث يحتاج إلى وقفة طويلة؛ لأنه يتعلق بتقرير مسألة مهمة من مسائل الفقه، وسبب الوقفة أن هذا الحديث تكلم فيه بعض أهل العلم (٣)، وحكموا على أحد رواته بالجهالة، وهو زيد أبو عياش الذي رواه عن سعد بن أبي وقاص، وقد وثَّقه آخرون، وصَحَّحوا حديثه (٤).


= عسل بعسل فيه شمعه … ولا رطبه بيابسه كالرطب التمر، والعنب بالزبيب والحنطة المبلولة أو الرطبة باليابسة".
(١) يُنظر: "كنز الدقائق" (ص ٤٣١) لأبي البركات النسفي قال: "وصحَّ بيع .... والرَّطب بالرَّطب أو بالتَّمر متماثلًا، والعنب بالزَّبيب، والفُحوم المختلفة بعضها ببعضٍ متفاضلًا".
(٢) قال ابن المنذر: "وأجمعوا على أن بيع التمر بالرطب لا يَجوز، وانفرد النعمان، فَرخَّص فيه .. ". "الإجماع" (ص ١١٠).
(٣) كابن حزم، وعبد الحق الإشبيلي. انظر: "الإحكام في أصول الأحكام" لابن حزم (٧/ ١٥٣)، "الأحكام الوسطى" للإشبيلي (٣/ ٢٥٧).
(٤) كالدارقطني، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وصحح له هو وابن خزيمة والحاكم،=

<<  <  ج: ص:  >  >>