للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في "موطإ الإمام مالكٍ": عن عبد اللّه بن يزيد، أن زيدًا أبا عياش، أخبره أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن البيضاء بالسلت؟ فقال له سعد: أيتهما أفضل؟ قال: البيضاء، فنهاه عن ذلك، وقال سعد: سمعتُ رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يُسْأل عن اشتراء التمر بالرطب؟ فقال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ؟ "، فقالوا: نعم، فنهَى عن ذلك (١).

"البيضاء" نوع من الحنطة (٢)، أو هي حبوب بين الحنطة والشعير. وقال بعضهم: هي أشبه ما تكون بالشعير لكن لا قشرَ لها، وذكرنا ذلك في دروس مضت، الشاهد أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن بيع البيضاء بالسلت (٣)، فقال - رضي الله عنه -: أيتهما أفضل؟ انظروا إلى تحرِّي الصحابة - رضي الله عنهم - معرفة مقصود السائل، وحقيقة المسؤول عنه، فأجاب السائل: البيضاء، يعني البيضاء تفوق وتفضل السُّلْت، فنهاه سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - عن ذلك، وقال: سَمعتُ رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يُسْأَل عن اشتراء التمر بالرطب؟ فقال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ؟ "، فقالوا: نعم، فنهى عن ذلك.

وَفِي بعض الروايات: فَسَأل مَنْ حوله: "أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ؟ "، فقالوا: نعم، فنهى عن ذلك (٤)، وَسَنقف عند استفهام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسؤال مَنْ حوله عن نقصان الرطب إذا يبس، فالاستفهام يأتي ويُرَاد به عدَّة معانٍ، فقد يُرَاد حقيقته، وقد يُرَاد به التقرير، كقوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١)} [الشرح: ١] بمعنى: شرحنا لك صدرك (٥)، وقد يأتي


= وقال: هذا حديث صحيح، لإجماع أئمة النقل على إمامة مالك بن أنس. انظر: "تهذيب التهذيب" (٣/ ٤٢٣) لابن حجر، و"المستدرك" للحاكم حديث (٢/ ٤٥) (٢٢٦٧).
(١) حديث (٢٢)، وصَحَّحه الأَلْبَانيُّ في "إرواء الغليل" (١٣٥٢).
(٢) كما ذكره ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث والأثر" (١/ ١٧٣).
(٣) "السُّلْت" بضم السين وسكون اللام، ضرب من الشعير أبيض لا قِشْرَ له. يُنظر: "النهاية" لابن الأثير (٢/ ٣٨٨).
(٤) أخرجها النسائي (٤٥٤٥)، وصَحَّحه الأَلْبَانيُّ في "إرواء الغليل" (١٣٥٢).
(٥) "الهداية إلى بلوغ النهاية" (٧/ ٤٩٠٨) لابن أبي طالب القرطبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>