نقف هنا لنُبَيِّنَ أن الحديث الذي لم يخرجه الشَّيخان لا يعني أنه ضعيفٌ، فالشيخان (البخاري ومسلم) لهما شروط التزموا بها تختلف عن شروط غيرهما، وشروط البخاري أقوى من شروط مسلم، لذا نجد أن أحاديثَ كثيرةً في "صحيح مسلم" لم يخرجها البخاري رحمه الله، وهنالك آلاف من الأحاديث الصحيحة خارج "الصحيحين"، ولا نقصد بذلك الأحاديث التي التقى أصحابها مع البخاري ومسلم في السند، فليست كل الأحاديث الصحيحة محصورةً في "الصحيحين"، وإنما البخاري ومسلم وضعا شروطًا سارا عليها، فما وُجِدَتْ فيه هذه الشروط خرَّجاه، وما لا فلا، وحديث سعد لم يخرجه البخاري ولا مسلم؛ لما ذُكِرَ مِنْ جهالة زيد أبي عياش.
هو عبد الله بن يزيد الذي روى عنه مالكٌ، وهو الطريق إلى سند الحديث، فروى مالكٌ عن عبد اللّه بن يزيد عن زيد أبي عياش، ثم يأتي سعد بن أبي وقاص، يعني: رواه يحيى بن أبي كثير عن عبد اللّه بن يزيد، فكأن يحيى بن أبي كثيرٍ بدرجة الإمام مالكٍ، فكلٌّ منهما روَى عن عبد اللّه بن يزيد.
قوله: ("أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ نَسِيئَةً"، وَقَالَ: إِنَّ الَّذِي يَرْوِي عَنْهُ هَذَا الحَدِيثَ).
أيْ: أن الذي يروي عنه عبد اللّه بن يزيد هو زيد أبو عياش.