للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هنا أجمع العلماء على هذا، ولا أدري ما الذي حمل المؤلف على إيراد هذه المسألة، وادِّعاء الخلاف فيها، واللّه أعلم.

قوله: (وَمِنْ هَذَا البَابِ اخْتِلَافُهُمْ فِي جَوَازِ بَيْعِ صِنْفٍ مِنَ الرِّبَوِيَّاتِ بِصِنْفٍ مِثْلِهِ وَعَرَضٍ، أَوْ دَنَانِيرَ، أَوْ دَرَاهِمَ).

هذه مسألةٌ مهمةٌ، تُعْرف في المذهبين الشافعي والحنبلي بمسألة: مُد عَجوة ودرهم، واعتبرها بعضهم قاعدةً عظيمةً من قواعد الفقه الإسلامي، لذا جعلها الحافظ ابن رجبٍ في "قواعده" المعروفة في الرقم الثالث عشر بعد المائة فقال: "إذا وجدنا جملةً ذات أعدادٍ موزعةً على جملةٍ أخرى، فهل تتوزع أفراد الجملة الموزعة على أفراد الأخرى؟ أَوْ كل فردٍ منها على مجموع الجملة الأولى؟ (١)، وفي شرحها أدخل معها مسائل، واعتبر القطب الذي تدور عليه تلك القاعدة هو مسألة: مُد عَجوة ودرهم؛ وهي مِن أصعب قواعد ابن رجب، هذا الكتاب الذي قيل عنه: إنه مِنْ عجائب الدهر، ولا يَعرِف قيمة هذا الكتاب إلا مَنْ عرف مغازيه ومقاصده، ولو أردنا شَرْحَ هذه القاعدة لاحتجنا إلى وقتٍ وتكرارٍ، وأَذْكُرُ أني دَرَّسْتُها لطلابٍ في الدراسات العليا، ورغم التكرار لم يفهمها إلا قليلٌ، والحمد لله أن هذه القاعدة لم تَرِدْ في كلام المصنف هنا، وإنما وردت منها صورةٌ، هي: بيعُ ربويٍّ بجنسه مع وجود غيره معهما أو مع أحدهما.

مثاله: أن تبيع مُدَّ عجوة ودرهم بمُدَّيْ عجوة، أو مُدَّيْ عجوة ودرهم بمُدَّيْ عجوة ودرهم، فالنوع الآخر إما أن يوجد معهما معًا أو مع أحدهما، وهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم، وانقسموا فيها أقسامًا ثلاثةً:

*فمنهم مَنْ حكم عليها بالمنع، واعتبرها نوعًا مِن أنواع الربا.

*ومنهم مَنْ فصَّل القول فيها كابن رجبٍ في "قواعده"، فذكر ما


(١) "قواعد ابن رجب" (٢/ ٤٧٠) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>