للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنسان الحَبَّ في سنبله في الحقل بالحَبِّ على وجه الأرض (١)، فهذا إذا يبس تغير حاله، فَصَار أقلَّ من ذلك، ولذلك نهى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة كما فَصَّلنا لاختلاف الأمرين، لأنه يوجَد تفاوتٌ بين الأمرين في ذلك، ومن ذلك أيضًا ما نهى عنه رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع العينة (٢)؛ فَهَذه أمثلةٌ يَسيرةٌ عرضنا لها، وستأتي إن شاء الله.

* قوله: (وَهُنَا شَيْءٌ يَعْرِضُ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ)، شيء يعرض للمتبايعين؛ أولًا الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - رسم لنا طريقًا سويًّا؛ فأوضح أن الحلال بيِّنٌ وأن الحرام بَيِّنٌ (٣)، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمها كثير من الناس، ومن اتقى الشبهات، استبرأ لدينه وعِرْضه، ومَنْ وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى.

وَلذَلك، كلُّ إنسانٍ تقيٍّ يحرص على أن يتجنب الربا، فإن الله سييسر أمرَه، فالواجب على المسلم أن يبتعد عن كلِّ أمرٍ فيه شبه، وأن يذهب إلى ما كان صريحًا بعيدًا عن الشُّبَه وَالمُحرَّمات.

* قوله: (إِذَا قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانِ)، لأنه ربما يقول: أبيعُكَ هذا الشيء بزيادةٍ أو بنقصٍ، فينظر في هذا الأمر، هل باع هذا الأمر لأجل التَّخْفيف عليه، وأنه رقَّ لحاله، ويريد أن يعطف عليه أم أنه يريد أن يستغلَّ ذلك لأمرٍ من الأمور، ولذلك نهى عن كل بيع وسلف، وهو البيع الذي يجر منفعةً؛ لأن ذلك يدفع إليه مصلحة، وذلك لو أن إنسانًا باع لإنسان بيتًا، وقال: على أن تعطيني سيارتك مدة


(١) يُنظر: "المغرب في ثرتيب المعرب" للمُطَرِّزِي (١/ ٢١٧).
(٢) كما في الحديث الذي أخرجه أبو داود (٣٤٦٢) أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله علبكم ذلًّا، لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم"، وصَخَحه الأَلْبَانيُّ في "السلسلة الصحيحة" (١/ ٤٢).
(٣) أخرجه البخاري (٥٢)، ومسلم (١٥٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>