للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأَقَلته من تلك البيعة، فإنَّ الله سبحانه وتعالى يقيل عثرتك يوم القيامة.

قول المؤلف: (لم يختلفوا)، هذا فيه إجماع، والحقيقة أن المسألة من حيث الجملة فيها خلاف، نعم هناك أمر لم يختلف فيه العلماء، لو أن إنسانًا - كما ذكر المؤلف - بالنسبة إلى البائع ندم، فقبل المشتري ذلك منه، فإن ردَّت بنفس الثمن، فهذا لا خلاف فيه، لكن إن كانت بزيادةٍ كما ذكر المؤلف أو بنقصٍ، ففيها خلاف بين العلماء (١)، فبعض العلماء يمنع ذلك، ويرى أن في ذلك استغلالًا وضررًا على البائع، وبعضهم يرى أن ذلك جائز.

إذًا، قول المؤلف: (لم يختلفوا)، ليس على إطلاقه، نعم هناك صور لم يختلفوا فيها، وهذا المثال الذي ذكَره فيه خلاف بين العلماء.

* قوله: (وَيَدْفَعَ إِلَيْهِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مَثَلًا نَقْدًا، أَوْ إِلَى أَجَلٍ، أَنَّ


(١) فمذهب الجمهور أن الإقالة لا يجوز فيها الزيادة والنقص.
مذهب الحنفية، ينظر: "الاختيار لتعليل المختار" للبلدحي (٢/ ١١) حيث قال: "ولو تقايلا بعد القبض، فَهُوَ فسخ عند أبي حنيفة، ويلزمه الثمن الأول جنسًا ووصفًا وقدرًا، ويبطل ما شرطه من الزيادة والنقصان والتأجيل والتغيير؛ لأن الإقالة رفع، فيقتضي رفع الموجود، والزيادة لم تكن، فلا ترفع إلا إذا حدث بالمبيع عيب، فيجوز بأقل من الثمن الأول، لأن النقصان في مقابلة العيب".
ومذهب المالكية، فإنهم لا يجيزون الزيادة والنقص في الإقالة إذا وقعت في الطعام قبل القبض؛ لأنه فسخ لا بيع، وأما غير ذلك فيجيزونه؛ لأنه الإقالة فيه بيع مستأنف، يُنظر: "الشرح الصغير" للدردير (٣/ ٢١٠) حيث قال: "والإقالة - من حيث هي - (بيع) يشترط فيها ما يشترط فيه، ويمنعها ما يمنعه، (إلا في طعام المعاوضة) قبل قبضه فهي فيه حل للبيع".
مذهب الشافعية، يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (٢/ ٧٥) حيث قال: " (ولا تصح إلا به) أي: بذلك الثمن (فإن زاد) فيه (أو نقص) عنه (أو شرط) فيها (أجلًا أو أخذ صحاح عن مكسرة) أو عكسه (بطلت) وبقي العقد بحاله".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٣/ ٢٥٠): "ولا (تصح) أيضًا (بزيادة على الثمن) المعقود به (أو) بـ (نقص منه أو بغير جنسه)؛ لأن مقتضى الإقالة رد الأمر إلى ما كان عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>