للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ يَجُوز، وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَأَنَّ الإِقَالَةَ عِنْدَهُمْ إِذَا دَخَلَتْهَا الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ هِيَ بَيْعٌ مُسْتَأْنَفٌ)، هي بيع عند مالكٍ، ورواية عن أحمد (١)، ووجهتهم أنها بيع؛ لأنها تعود بعينها إلى البائع، فكونها تعود إليه فهي بيع، والآخرون: الإقالة الزيادة أو الرفع، فكونها إقالةً، فقد انتهى كل شيءٍ، إذًا هي فسخ، ولكلٍّ حجة يتمسك بها (٢)، والمؤلف لم يعرض لهذه المسألة، وفيها خلاف معروف.

* قوله: (وَلَا حَرَجَ فِي أَنْ يَبِيعَ الإِنْسَانُ الشَّيْءَ بِثَمَنٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ اشْتَرَى مِنْهُ البَائِعُ الأَوَّلُ العَبْدَ الَّذِي بَاعَهُ بِالمِائَةِ الَّتِي وَجَبَتْ لَه، وَبِالعَشَرَةِ مَثَاقِيلَ (٣) الَّتِي زَادَهَا نَقْدًا أَوْ إِلَى أَجَلٍ، وَكَذَلِكَ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ لَوْ كانَ البَيْعُ بِمِائَةِ دِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ، وَالعَشَرَة


(١) يُنظر: "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" للمرداوي (٤/ ٤٧٥) حيث قال: "والإقالة: فسخ، هذا المذهب بلا ريب. نص عليه، وعنه: إنها بيع".
(٢) فاستدل القائلون بأنها بيع بأن المبيع عاد إلى البائع على الجهة التي خرج عليه منه، فلما كان الأول بيعًا كذلك الثاني.
وبأنه نقل الملك بعوضٍ، على وجه التراضي، فكان بيعًا، كالأول.
واستدل القائلون بأنها فسخٌ بأن الإقالة هي الدفع والإزالة، فقولك: أقالك الله عثرتك، أي: أزالها.
وبأنهم أجمعوا على النهي عن بيع الطعام قبل قبضه، مع إجماعهم على أن له أن يقيل المسلم جميع المسلم فيه، فيدل على أن الإقالة ليست بيعًا.
وبأنها تجوز في المسلم فيه قبل قبضه، فلم تكن بيعًا كالإسقاط.
وبانها تتقدر بالثمن الأول، ولو كانت بيعًا لم تتقدر به، ولأنه عاد إليه المبيع بلفظٍ لا ينعقد به البيع، فكان فسخًا، كالرد بالعيب. يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٥/ ٣٠٦)، و"البيان في مذهب الإمام الشافعي" للعمراني (٥/ ٣٨٢)، و"المغني" لابن قدامة (٤/ ٩٢).
(٣) "المثاقيل": جمع مثقال، وهو وزن الشيء، ويطلق في العرف على الدينار تارةً، أو على درهم وثلاثة أسباع درهم، والمراد هنا الدينار. يُنظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير (١/ ٢١٧)، و"المصباح المنير" للفيومي (١/ ٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>